وبسبب ذلك صدق ما ادعيناه من كونك تعلم ضرورة أنك لم تكن ثم كنت لأن المركب لا وجود له إلا بجميع أجزائه.
(ص) ثم إذا نظرت إلى هذا الزائد من ذاتك وجدته جرما يعمر فراغا يجوز أن يكون على ما هو عليه من المقدار المخصوص والصفة المخصوصة وأن يكون على خلافهما، فتعلم قطعا أن لصانعك اختيارا في تخصيص ذاتك ببعض ما جاز عليها فيخرج لك من هذا البرهان القاطع على أن النطفة التي نشأت عنها قطعا يستحيل أن تكون هي الموجدة لذاتك لعدم امكان الاختيار لها حتى تخصص ذاتك ببعض ما جاز عليها، وأيضا لا طبع لها في وجود ذاتك وإلا لكنت على
التطبيق لا يتم ّ مع قول المتن فقد تم البرهان القاطع بهذا الزائد فإنه يقتضي أن المحكوم عليه بالعدم ثم الوجود الزائد فقط لا المجموع، وعلى كل حال فالمآل واحد وهو تسليم قدم النطفة وحدوث الزائد.
(قوله ثم إذا نظرت الخ) هذا ما وعد به سابقا بقوله لكن سنذكر بعد هذا برهان بطلانه وبقوله: وسنزيد ذلك بيانا وثم للترتيب الاخباري، والمراد بالنظر التأمل (قوله من ذاتك) إن كان المراد بالذات النطفة، فمن ابتدائية متعلقة بمحذوف: أي حال كون ذلك الزائد ناشئا من ذاتك، وإن كان المراد من الذات الهيئة الاجتماعية، فمن بمعنى في والظرفية من ظرفية الجزء في الكل أو على حالها: أي الكائن من ذاتك، أو بمعنى بعض: أي الذي هو بعض ذاتك (قوله يعمر فراغا) صفة كاشفة للجرم (قوله يجوز الخ) صفة أيضا للجرم (قوله من المقدار المخصوص) كثلاثة أذرع، وقوله: والصفة المخصوصة ككونه أبيض (قوله قطعا) ... أي قاطعا وجازما حال مؤكدة (قوله لصانعك) أي صانع الزائد منك، لأن الكلام فيه ... (قوله ببعض الخ) أي من المقدار والصفة المخصوصين (قوله من هذا) أي من أن لصانعك اختيارا الذي هو نتيجة قياس قائل: الزائد من ذاتك قد اختص بمقدار وصفة بدلا من خلافهما، وكل ّ ما هو كذلك فله صانع مختار ينتج الزائد من ذاتك له صانع مختار، وهذا مستلزم لقولك صانع الزائد من ذاتك مختار، فقول المصنف: وإذا نظرت الخ متضمن للصغرى، وحذف الكبرى للعلم بها (قوله البرهان القاطع) فاعل يخرج فتأخذ لازم نتيجة القياس السابق، فتجعله صغرى لكبرى قائلة لا شيء من النطفة بمختار، فتقول صانع الزائد من ذاتك مختار ولا شيء من النطفة بمختار ينتج من الشكل الثاني صانع الزائد من ذاتك ليس بنطفة، وتنعكس تلك النتيجة إلى قولك النطفة ليست بصانع الزائد من ذاتك (قوله على الخ) متعلق بالبرهان (قوله لذاتك) أي للزائد منها لأن الكلام فيه (قوله بعدم الخ) علة لقوله: يستحيل الخ(قوله وأيضا
الخ)دليل آخر لإبطال تأثير النطفة في الزائد بالطبع. وحاصله أن النطفة لو كانت مؤثرة بالطبع في وجود ذاتك لكانت على شكل الكرة. لكن التالي باطل فبطل المقدم (قوله لا طبع لها) أي لا تأثير لها بالطبع، وإنما اقتصر على ابطال تأثير النطفة بالطبع دون العلة لأنه لم يقل أحد بتأثير النطفة في الزائد بالتعليل إذ لو أثرت فيه به لزم أن يوجد المعلول بتمامه كالإنسان مثلا بنفس وجوده. وهذا باطل
8 -حواش