فهرس الكتاب
الصفحة 110 من 517

فإن قيل لعل ذلك البعض إنما أثر بالطبع بشرط الاتصال والكينونة في الرحم. قلنا فيلزم أن ينقطع تأثيره بعد الانفصال عن الرحم كيف ومعظم الذات بعد الانفصال وجد على أن اختلاف الذات وتخصيص كل جزء منها بما يجوز على غيره يمنع قطعا أن يكون لعلة أو لطبيعة فيها تأثير فتعين أن التأثير فيها إنما هو بالاختيار والممكنات بالنسبة إلى الفاعل المختار سواء وهو الله تعالى فظهر أن البرهان السابق يقتضي أن الموجد للذات ليس نفسها ولا جزءا من أجزائها وسنزيد ذلك بيانا بعد إن شاء الله تعالى (قوله فتعلم على الضرورة أن ما زاد مكان معدوما ثم كان) يعني

لكن التالي باطل. وأما الشرطية القائلة إذ كان للنطفة تأثير في الزائد لكانت الذات تؤثر في غيرها، فهي كبرى، فهو قياس استثنائي وكبراه مقدمة أولى وصغراه ثانية عكس القياس الاقتراني (قوله فإن قيل الخ) هذا شروع في منع قوله: لأمكن للذات الخ (قوله بشرط الاتصال) أي الكينونة في الرحم. وأما إذا خرجت فلا تؤثر، فحينئذ لا يلزم من تأثير النطفة في الزائد أن تكون الذات من حيث اشتمالها على النطفة مؤثرة في غيرها، وهذا أعني قوله: بشرط الاتصال محط الفائدة. وأما قوله أوّلا بالطبع فلبيان الواقع، لأن التأثير بشرط هو التأثير بالطبع عندهم، وقوله: والكينونة تفسير للاتصال (قوله قلنا فيلزم الخ) أي قلنا لو صح ّ ذلك للزم الخ. وحاصل ما ذكره الشارح قياس شرطي تقديره: لو كان تأثيرها بشرط الاتصال لانقطع التأثير بعد الانفصال. لكن التالي باطل فكذا المقدم، وهو كون النطفة تؤثر بشرط الاتصال، فسقط ذلك الاعتراض.

واعلم أن الطبائعيين يرون أن النطفة تؤثر في الزائد عليها في الرحم وبعد الانفصال عنه، وإن كان تأثيرها في الرحم عندهم مشروطا باعتدال المزاج لا أنهم يقولون تؤثر في الرحم خاصة كما يوهمه كلام المصنف، فالسؤال والجواب غير محررين. والجواب لا يرد ّ عليهم وإنما الرد ّ عليهم يكون بالبرهان المتقدم، وهو لو كان للنطفة تأثير في الذات لأمكن للذات أن تؤثر في غيرها لكن التالي باطل، ويقول الشارح بعد على أن اختلاف الذات الخ (قوله وتخصيص كل ّ جزء) أي من الذات عطف تفسير على ما قبله ككون هذا العضو للشم لا غير مع جواز أن يكون للأبصار، وكون هذا العضو للأبصار مع كونه صالحا، لأن يكون للسمع وكون هذا العضو يدا لا رجلا مع أنه صالح لكونه رجلا، وهكذا فكل هذا دليل على أن الفاعل مختار (قوله لعلة) متعلق بتأثير: أي يمنع أن يكون في الذات تأثير لعلة أو طبيعة، لأن معلول العلة الواحدة ومطبوع الطبيعة الواحدة لا يختلف (قوله فيها) أي الذات (قوله إنما هو بالاختيار) أي والنطفة لا اختيار لها فلا تكون مؤثرة (قوله والممكنات الخ) مرتبط بمحذوف: أي والذات من الممكنات والممكنات الخ أو منصوب عطفا على تأثير (قوله سواء) أي في التأثير فيها بالاختيار (قوله أن البرهان السابق) أي أنا لم أكن ثم كنت (قوله يقتضي) بالنظر

لما تعلق به من الأطراف كقوله: واستحالة أن توجد نفسك، وإلا فالبرهان السابق إنما ينتج كون الذات لها موجد، وكونه ليس نفسها ولا جزءا منها شيء آخر (قوله يعني الخ) قصد بذلك تطبيق الجواب الذي في المتن على الجواب الذي في الشارح، فليس المحكوم عليه بالعدم ثم بالوجود مجرد الزائد كما هو ظاهر المتن بل المحكوم عليه المجموع. لكن هذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام