فلا ينتفي عنه إلا القديم أو المستمر العدم إذ لا تجدّد لهما، فظهر أن لزوم الاتصاف بأحد الأمرين عند عدم الاختصاص بتلك الأمور المذكورة يتعين فيه أحدهما، وهو استمرار العدم فيما عدا الزمان، ويلزم أحدهما لا بعينه في الزمان. لكن لم يفصل في العقيدة لأنه قصد ما يلزم في عدم الكل من حيث هو كل ما يلزم في عدم كل واحد، ويصح عطف قوله: فيلزم إما قدمك الخ بالواو بدل الفاء، وهو أحسن وأفيد ويكون دليلا آخر مستقلا بنفسه معطوفا على الأوّل، ونظمه على هذا أن يقال: لو لم يكن فاعلك مريدا للزم إما قدمك أو استمرار عدمك، وبيان الملازمة أن الفاعل إذا لم يكن مريدا، فان كان وجود الممكن لازما لوجوده أو لوجود صفة من صفاته بحيث لا يحتاج في وجود ذلك الممكن إلى قصد لزم قدم ذاتك وقدم سائر الممكنات لاستحالة وجود الملزوم بدون اللازم، وقد مر ّ وجوب القدم لفاعلك ولصفاته، فما لزمهما يجب أن يكون كذلك وإن لم يكن وجود الممكن لازما لوجود ذاته ولا لوجود صفة من صفاته لزم استمرار عدم ذاتك وعدم سائر الممكنات لاستحالة ترجيح زمن أو مقدار أو صفة بلا مرجح.
(ص) ومن هنا أيضا تعلم استحالة كون الصانع طبيعة أو علة موجبة. فإن أجيب
أسود مثلا، وهو جمع بين الضدين باطل وعن اللازم لعدم التخصيص بالمكان المعين وحده وهو عدم وجود الشيء في مكان أصلا أو كون الشيء في جميع الأمكنة وهو باطل، وعن اللازم لعدم التخصيص بالجهة المعينة وحدها وهو عدم الوجود في جهة أو الوجود في جميع الجهات وهو باطل (قوله فلا ينتفى عنه) أي فلا يخرج عنه: أي عن الوصف بالزمن (قوله الأمرين) أي القدم واستمرار العدم (قوله يتعين فيه) خبر أن والرابط الضمير الراجع للزوم الاتصاف (قوله أحدهما) أي الأمرين (قوله فيما عدا الزمان) أي من الوجود وما يتبعه من المقدار والصفة، هذا هو المراد وإن كان ما عدا الزمان يصدق بالصفة وحدها والمقدار وحده وبهما معا (قوله في عدم الكل) أي الهيئة الاجتماعية من عدم الوجود والمقدار والصفة والزمان (قوله لا ما يلزم من عدم كل واحد منها) أي بخصوصه، ولا شك أنه يلزم على عدم الكل: إما القدم أو استمرار العدم بخلاف مالو اعتبرت كل واحد منها، فانك لا تجد هذين اللازمين معا، بل منها ما يوجدان فيه معا كالزمان، ومنها ما يتعين فيه استمرار العدم وهو ما سواه (قوله ويصح ّ الخ) مقابل لمحذوف تقديره، فظهر أن قول المصنف: فيلزم الخ من تمام الدليل قبله (قوله أحسن وأفيد) عللهما بقوله، ويكون الخ، ويحتمل أن أفيد علة لأحسن، وقوله: ويكون علة لقوله: أفيد (قوله على الأوّل) أي على لازمه: أي اللازم فيه وهو التالي منه، فالمقدم وهو لو لم يكن مريدا يلزم عليه لازمان، وبذلك يحصل الدليلان ويكون اللازمان في كلامه متعاطفين (قوله لوجوده) أي الفاعل (قوله بحيث لا يحتاج الخ) لازم لما قبله (قوله وقد مر ّ الخ) علة لقوله: لزم قدم ذاتك (قوله فما لزمهما) أي فاعلك وصفاته، وهو وجود الممكن (قوله وإن لم يكن الخ) مقابل قوله: فإن كان وجود الممكن الخ (قوله ذاته) أي الفاعل (قوله أيضا) أي كما علمت استحالة أنه غير مريد (قوله موجبة) أي مؤثرة صفة كاشفة للعلة، وقد حذفها من الأوّل: أي الطبيعة لدلالة الثاني (قوله فإن أجيب) أي من طرف الخصم حيث قلنا فر الرد ّ عليه: لو كان