عن التأخير في الطبيعة بالمانع أو فوات الشرط لزم عدم القديم أو التسلسل لنقل الكلام إلى ذلك المانع أو ذلك الشرط.
(ش) الاشارة بهنا راجعة إلى لزوم قدمك أو استمرار عدمك: أي بهذا اللازم يستدل أيضا على امتناع أن يكون صانع العالم طبيعة أو علة موجبة، وقد عرفت فيما مضى أن من يتأتى منه الفعل والترك يسمى مختارا، ومن لا يتأتى منه الترك فإن لم يكن أن يمنعه مانع من الفعل يسمى علة، وأن أمكن يسمى طبيعة، وبيان لزوم أحد الأمرين إذا قدر صانع العالم طبيعة أو علة أن الطبيعة والعلة لا يخلو: إما أن تكونا قديمتين أو حادثتين، فإن كانتا قديمتين لزم قدم العالم، لأن فعل العلة والطبيعة إنما هو باللزوم لا بالاختيار وقدم الملزوم
صانع العالم غير مريد بأن كان طبيعة للزم: إما قدم العالم أو استمرار العدم. وحاصل جوابه الذي هو رد ّ علينا أن صانع العالم طبيعة قديمة. لكن نأخر مطبوعها ولم يكن قديما لمانع من وجوده أزلا، أو فوات شرط، فلما انتفى المانع ووجد الشرط فيما لا يزال وجد العالم وهو المطبوع، فلا يلزم على هذا قدمه ولا استمرار عدمه (قوله عن التأخير) أي تأخير المطبوع عن طبيعته (قوله بالمانع) أي بسبب وجود مانع في الأزل منع من وجود المطبوع (قوله لزم عدم القديم) أي إن كان المانع قديما لأنه إذا كان ذلك المانع قديما لزم عند وجود العالم عدم ذلك المانع، إذ لو استمر باقيا لما وجد العالم: أي وعدم القديم باطل، وقوله: أو التسلسل: أي إن كان المانع من وجود العالم في الأزل حادثا لأنه إذا كان كذلك يحتاج إلى طبيعة تؤثر فيه، وقد منع من تأثيرها فيه مانع آخر من وجود هذا المانع الحادث أزلا، وهذا المانع حادث فيحتاج إلى طبيعة أخرى تؤثر فيه، وقد منعها من التأثير فيه مانع، وهذا المانع يقال فيه ما قيل فيما قبله وهكذا، وإن قلنا إن التأخير لفوات شرط، فتخلف ذلك الشرط إما أن يكون لمانع أو لفوات شرط أيضا، فإن كان فواته لمانع لزم ما تقدم من عدم القديم أو التسلسل، وإن كان فواته لفوات شرط فتخلف ذلك الشرط إما المانع أو لفوات شرط وهكذا، فظهر أن قوله: لزم الخ راجع للمانع وفوات الشرط معا (قوله لنقل الكلام الخ) مرتبط بقوله لزم الخ (قوله أو ذلك الشرط) أي الذي فرض فواته، فيقال فواته إما لعدم شرط له أو لوجود مانع له، فإن كان لعدم شرط له فهذا الشرط فوته عدم شرط له وشرطه فوته عدم شرط له أيضا وهكذا إلى غير نهاية، فيلزم التسلسل وإن كان الفوت لهذا الشرط مانعا، فإن كان ذلك المانع قديما لزم عدم القديم عند وجود العالم لأنه إنما لوجود شرطه، فالمانع انقطع عند وجود الشرط، فعدم القديم إنما يتأتى في الشرط إذا نقل الكلام إلى مانع ذلك الشرط، وإن كان ذلك المانع حادثا فلا بد ّ من استناده لطبيعة، وقد منع من تأثيرها فيه مانع أو فقد شرط، فإن كان شرطا مفقودا نقلنا الكلام لذلك الشرط، وإن كان مانعا نقلنا الكلام له، ويلزم إما عدم القديم أو التسلسل (قوله إلى لزوم الخ) ي إلى بطلان لزوم الخ (قوله بهذا اللازم الخ) هذا حل للمتن بحسب المعنى، لأن لفظه جار على التعليل، فالمناسب أن يقول: أي ومن أجل هذا اللازم يستدل ّ الخ (قوله وقد عرفت الخ) غرضه بذلك بيان فاعل العالم مختار وإبطال ما عداه (قوله أحد الأمرين) هما وجوب القدم واستمرار العدم (قوله لا يخلو) المناسب لا يخلوان لأنه مثنى ولا نافية (قوله وقدم الملزوم) أي