فهرس الكتاب
الصفحة 175 من 517

يقضي بقدم لازمه، وقد عرفت بالبرهان حدوث العالم وإن كانتا حادثتين افتقرتا إلى علة أو طبيعة ودار أو تسلسل، وقد سبق بيان ذلك عند بيان كون فاعلك قديما، والدور والتسلسل محالان على ما مضى، فكون العلة والطبيعة حادثتين محال، فوجود ذاتك وسائر العالم الموقوف عليهما محال والمحال مستمر العدم، فقد لزم استمرار العدم لذاتك ولسائر العالم، والعيان يكذب ذلك. والحاصل أنه يلزم قدم العالم إن فرضت العلة أو الطبيعة قديمتين أو استمرار عدمه إن فرضتا حادثتين، وكلا اللازمين باطل، فالملزوم وهو كون صانع العالم طبيعة أو علة باطل، فتعين أن يكون فاعلا بالاختيار وهو المطلوب - وربك يخلق ما يشاء ويختار - ويلزم أيضا على تقدير العلة أو الطبيعة قديمتين وجود مالا نهاية له، لأن نسبة العلة والطبيعة إلى جميع الممكنات نسبة واحدة والممكنات لا نهاية لها، فيلزم وجود جميعها دفعة، وهذا المحال في الحقيقة لا يختص لزومه بفرض قدم العلة أو الطبيعة بل يلزم أيضا في فرض حدوثهما (قوله: فإن أجيب عن التأخير في الطبيعة الخ) هذا اعتراض من الطبايعيين على الدليل السابق، وهو لزوم قدم العالم أو استمرار عدمه، وتقريره إن قالوا نختار أن الصانع للحوادث طبيعة وأنها قديمة. قولكم: فيلزم قدم تلك الحوادث غير مسلم، لأن عدم المفارقة إنما يلزم في العلة مع معلولها، لأن تلازمهما لا يتوقف على شيء أما ملازمة الطبيعة مطبوعها

العلة أو الطبيعة (قوله يقضي) أي يستلزم (قوله بقدم لازمه) هو العالم (قوله بيان ذلك) أي الدور والتسلسل (قوله وهو المطلوب) فيه أن المطلوب نفي كون الصانع علة أو طبيعة لا اثبات كون الصانع فاعلا بالاختيار وإن كان لازما له (قوله وربك الخ) تقوية للدليل العقلي السابق (قوله ويلزم الخ) التفات لأمر آخر محال لازم لكون صانع العالم علة أو طبيعة مغاير لما التفت له في المتن من لزوم قدم العالم أو استمرار عدمه، وقوله: أيضا: أي كما لزم قدم العالم أو استمرار عدمه، وقوله: على تقدير العلة أو الطبيعة: أي على تقدير كون صانع العالم علة أو طبيعة (قوله نسبة واحدة) فيه أن تأثير العلة أو الطبيعة بالمناسبة الذاتية عند القائل بتأثيرهما، فاذا أثرت في البياض أو الطول مثلا للمناسبة فلا يتأتى التأثير في ضد ذلك، وحينئذ فليست النسبة لجميع الممكنات واحدة، وحينئذ فلا يلزم وجود الممكنات دفعة (قوله فيلزم وجود جميعها الخ) أي وذلك محال لما فيه من اجتماع البياض والسواد مثلا والحركة والسكون والاجتماع والافتراق. ثم إن قوله: فيلزم الخ مرتب على قوله: أوّلا وجود مالا نهاية له الخ (قوله دفعة) بفتح الدال أي مرة واحدة (قوله وهذا المحال الخ) على هذا كان الأحسن عدم التقييد فيما سبق بقوله: قديمتين ليشمل الكلام السابق القديمتين والحادثتين (قوله هذا اعتراض) أي باعتبار أنه قادح فيما ألزموا به، وعبر عنه المصنف بأنه جواب باعتبار أنه دافع لما ألزموا به، فهو اعتراض وجواب باعتبارين مختلفين (قوله على الدليل السابق) أي لو كان صانع العالم طبيعة للزم قدم العالم أو استمرار عدمه. لكن التالي باطل والاعتراض في الحقيقة على الملازمة في الشرطية يمنعها فالخصم يقول الملازمة ممنوعة لم لا يجوز أن يكون الصانع طبيعة قديمة وتأخر مطبوعها بحيث لم يكن قديما لمانع أو فقد شرط (قوله وهو لزوم الخ) أطلق عليه دليلا مع أن الدليل قياس مركب من

12 -حواش

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام