فمتوقف على عدم الموانع ووجود الشرائط كلها كما تقول مثلا: تأثير النار بطبعها على مذهب الفلاسفة أبعدهم الله في احتراق الشيء يتوقف على وجود شرط، وهو مسها مثلا لذلك المحترق وانتفاء مانع، وهو باطل ذلك الممسوس مثلا أما إذا وجد مانعها أو انتفى شرطها فتوجد هي مع عدم مطبوعها الذي هو الاحتراق. قالوا فاذا تقرر ذلك فنقول: صانع هذه الحوادث طبيعة قديمة. لكن تأخر مطبوعها ولم يكن قديما لمانع من وجوده أزلا أو فوات شرط، فلما انتفى المانع ووجد الشرط فيما لايزال وجدت تلك الحوادث، فلا يلزم على هذا قدم الحوادث ولا استمرار عدمها كما زعمتم، وجوابه أنا ننقل الكلام معهم إلى هذا المانع من وجود الحوادث أو الشرط لها المتأخر وجوده، فنقول ذلك المانع من تأثير الطبيعة في وجود الحوادث أزلا لا يخلو إما أن تقدروه قديما أو حادثا، فإن كان حادثا افتقر إلى محدث والمحدث على أصلكم طبيعة قديمة، فتحتاجون إلى تقدير مانع آخر من وجود هذا المانع الحادث أزلا، والمانع من تأثير الطبيعة قد اخترتم أنه حادث فيكون هذا المانع الثاني حادثا، ويفتقر أيضا في تأخير وجوده عن طبيعته القديمة إلى تقدير مانع آخر حادث. ثم كذلك هذا المانع الآخر، ويتسلسل فيلزم وجود حوادث لا أوّل لها، وقد سبق برهان استحالته، وإن منعوا التسلسل في الموانع الحادثة وجعلوا لها مبدأ لزم قدم حوادث العالم لعرو ّ الطبيعة المؤثرة فيها عن المانع أزلا، وإن كان المانع من وجود العالم قديما لزم أن لا يوجد شيء من العالم حتى ينعدم مانعه القديم. لكن عدم القديم محال وقد سبق برهانه، فوجود العالم المتوقف عليه محال، وهكذا تقول في الشرط المتأخر وجوده عن الطبيعة أنه حادث فيفتقر إلى محدث، والمحدث على أصلهم طبيعة قديمة، فيحتاجون أيضا إلى تقدير مانع من وجود هذا الشرط أزلا أو فوات شرط لم يوجد فيما لا يزال، وننقل الكلام إلى مانع الشرط وإلى شرط الشرط
مقدمتين باعتبار أن الذهن ينتقل منه للمطلوب الذي هو استحالة كون صانع العالم طبيعة (قوله بطبعها) أي ذاتها (قوله على مذهب الفلاسفة) الأولى على مذهبهم: أي الطبائعيين (قوله مثلا) الأولى حذفه لأنه لا شرط عندهم غير المس ّ (وقوله لمانع الخ) والمانع من وجوده أزلا لا يكون إلا أزليا (قوله ووجد الشرط) الواو بمعنى أو (قوله فيما لا يزال) تنازعه انتفى ووجد (قوله أو الشرط) أي أوالى ذلك الشرط المشترط لتأثير الطبيعة الذي فوت عدمه وجود الحوادث في الأزل (قوله أو حادثا) توسعة دائرة إذ المانع من وجود العالم في الأزل أزلي عندهم (قوله برهان استحالته) أراد بالبرهان الجنس والضمير لوجود الحوادث التي لا أوّل لها (قوله وإن منعوا الخ) توسعة دائرة في الرد عليهم إذ التسلسل في الموانع لا محيد عنه. وليس لهم منعه إلا على سبيل الفرض (قوله لها) أي الحوادث، وقوله: مبتدأ: أي أوّلا (قوله حوادث العالم) الإضافة للبيان (قوله لعرو ّ الطبيعة) علة لقوله: لزم الخ: أي لصيرورة الطبيعة خالية عن مانع فيقارنها المطبوع، وهو العالم فيكون العالم قديما (قوله أنه حادث) أي ولا يمكن دعوى قدمه لفرض طريانه وتأخر وجوده عن الطبيعة، وحينئذ فيصير كسائر العالم (قوله إلى مانع الشرط) فإن كان قديما لزم عدم القديم وإن كان حادثا لزم التسلسل (قوله وإلى شرط الشرط) أي فتقول