فهرس الكتاب
الصفحة 21 من 517

وهو مسلم لا شك فيه إذ الوهم يلابس العقل في مأخذه والباطل يشاكل الحق في مباحثه ولهذا كان أهل الحق في غاية القلة ومنع أن يخوض فيما زاد على الضروري من هذا العلم إلا الأفراد من الأذكياء. ثم اختلف القائلون بإفادته هل العلم بالنتيجة يعقب العلم بوجه الدليل أم يحصل معه دفعة وعليه فهل بعلم واحد أم بعلمين فيه خلاف وزعم ابن سينا أن حصول العلمين بالمقدمتين في الذهن ليس كافيا في حصول النتيجة، بل لا بد من علم ثالث وهو التفطن لإندراج الصغرى

فلا ينتج وهو لا يصح، فالأولى أن يقال. وأما ذات الثاني، أو وأمّا الاحتجاج بالثاني فلا ينتج امتناع إفادة النظر العلم الذي هو مدّعاهم، وإنما ينتج أن افادة النظر للعلم عسر لأن الوهم يلابس العقل الخ ثم إن هذا الرد نظرا لأنه يفيد أن النظر في ذات الاله يفيد العلم بحقيقتها لكن ذلك العلم عسر فقط وليس كذلك بل هو مستحيل (قوله وهو) أي العسر (قوله إذا الوهم الخ) أي أن الوهم يعارض العقل في مأخذه، وهو القضايا التي يستنتج ويأخذ منها ما يحكم به، فالحية مثلا إذا رأيتها قال العقل: هذه دوية يحركها القضاء والقدر، وكل ّ ما كان كذلك فلا يضر ّ فيحكم بعدم الانزعاج منها، والوهم ينازع العقل في تلك القضايا، فيحكم بالانزعاج منها بحيث يقول: هذا ثعبان وكل ثعبان يضر ّ، ينتج أن هذا الثعبان مضر، فالوهم قد عارض العقل في القضايا التي استنتج منها ماحكم به، وهذا تعليل لقوله عسر لأنه إذا كان الباطل يشاكل الحق ّ والوهم يلابس العقل تعسر إدراك الصواب من الخطأ فلهذا كان النظر يفيد العلم بعسر (قوله والباطل يشاكل الحق ّ) أي يشابهه، وذلك كقول أهل السنة: الله موجود وكل ّ موجود يصح ّ أن يرى، فالله يصح ّ أن يرى، وكقول المعتزلة: الله ليس في جهة، وكل ما كان كذلك لا يرى، فالكبرى باطلة لأنها نشأت من الوهم، لأن الوهم إنما يحكم بما جرت به العادة فهي باطلة (قوله في مباحثه) أي في قضاياه: أي القضايا الموصلة إليه، فالقضايا الموصلة لكل ّ من الحقّ والباطل على صورة قياس ينتج، فالذي لا يعرف يقول: إن كلا دليل، والعارف يقول: إن ما قاله أهل السنة دليل، وما قاله المعتزلة شبهة لبطلان الكبرى لأن بعض ما ليس في جهة يرى مثل كرة العالم (قوله أهل الحق) أي من سلم من الزلق ولم يلابس الوهم عقله في مأخذه (قوله ومنع) بالبناء للمفعول عطف على كان، والمانع أهل القرن الثالث (قوله على الضروري) أي الواجب الذي لا بد ّ منه على كل ّ عاقل، وهو معرفة الله ولو بدليل اجمالي (قوله العلم) أي علم الكلام (قوله من الأذكياء) بيان الأفراد: جمع ذكي من الذكاء، وهو حدّة العقل (قوله بإفادته) أي إفادة النظر العلم (قوله هل العلم الخ) أي أهل التصديق بالنتيجة يعقب التصديق بوجه الدليل، ولا يجتمع معه في الزمن (قوله أم يحصل) أي العلم بالنتيجة (قوله معه) أي العلم بوجه الدليل (قوله وعليه) أي الثاني (قوله فهل بعلم) أي فهل النتيجة والوجه الحاصلان دفعة بعلم واحد، وهذا القول خلاف الصواب(قوله وزعم

ابن سينا الخ)هذه فائدة جديدة، وليس مقابلا لما تقدّم، والمراد بالزعم القول (قوله أن حصول الخ) أي أن التصديق بهما، وقوله: في حصول النتيجة: أي التصديق بها (قوله وهو التفطن الخ) أي التصديق بذلك الاندراج: أي اندراج موضوع الصغرى

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام