زعم ابن سيناء أنه لا بد من علم ثالث في حصول النتيجة
تحت الكبرى كما إذا ادعيت أن هذه بغلة، وكل بغلة عاقر فلا ينتج أن هذه عاقر حتى يتفطن إلى أن هذه البغلة فرد من أفراد الكلية ليلزم الحكم على الفرد. قال شرف الدين بن التلمساني وما ذكره حق فإنك إذا قلت النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام لم يندرج النبيذ في الحرمة إلا من حيث كونه فردا من أفراد المسكر فلالا بد من التفطن له إلا أنه معلوم في ضمن العلم بأن هذا الترتيب منتج فلا يكاد يخلو الذهن عن ذلك عند ذكر المقدمتين على هذا الوجه. قلت وعبارته في الطوالع الأشبه أته لا بد ّ بعد استحضار المقدمتين من ملاحظة الترتيب والهيئة العارضين لهما وإلا لما تفاوتت الأشكال في جلاء الانتاج وخفائه انتهى.
تحت موضوع الكبرى (قوله البغلة) بدل من اسم الاشارة لا بيان لمحمول في الصغرى ... (قوله من أفراد هذه الكلية) أي من أفراد موضوع القضية الكلية (قوله على الفرد) أي الفرد المعين (قوله قال شرف الدين) هو المسمى بالفهري بكسر الفاء شافعي المذهب ووالده ... مالكي، وقوله: التلمساني نسبة لتلمسان (قوله وما ذكره) أي ابن سينا (قوله وكل مسكر) أي شربه (قوله النبيذ) أي شربه (قوله له) أي الإندراج (قوله إلا أنه) أي كون النبيذ فردا من أفراد المسكر، وقوله: معلوم الخ: أي موجود في ضمن متعلق العلم: أعني المقدمتين والإندراج فالتفطن موجود ضمنا، فيكون ابن سينا صرح بما يعلم ضمنا، وحينئذ فلا اعتراض على من لم يصرّح بذلك من الأئمة، فقوله إلا أنه الخ ليس اعتراضا على ابن سينا، بل هو اعتذار عمن لم يصرح به من الأئمة، ويحتمل أن الضمير في قوله: إلا أنه راجع للتفطن: أي التفطن للاندراج في ضمن الخ (قوله عن ذلك) أي الاندراج والأولى عنه لأن المحل للضمير لتقدّم مرجعه الذي هو الاندراج، ويحتمل أن قوله عن ذلك: أي عن التفطن للاندراج، وقوله: على هذا الوجه: أي على أنه ترتيب منتج. أما إذا ذكر لا على هذا الوجه بأن لوحظ أنهما قضيتان فقط كان الذهن خاليا عن التفطن للاندراج (قوله قلت) من كلام الشارح تقوية لكلام ابن سينا، وقوله: وعبارته: أي البيضاوي، ولو قال وعبارة الطوالع كان أحسن إذ عبارته توهم أن الضمير للتلمساني مع أنه ليس كذلك كما علمت (قوله الترتيب) من تقديم الصغرى على الكبرى، وقوله: والهيئة: أي الحاصلة من إيجاب الصغرى وكلية الكبرى، ومن كون الحد الوسط محمولا في الصغرى موضوعا في الكبرى وعكسه (قوله وإلا الخ) أي والا نقل أنه لا بد ّ من ملاحظة ما ذكر من الترتيب والهيئة لما تفاوتت الأشكال الخ مع أن الشكل الأوّل أجلى، ويليه الثاني ثم الثالث ثم الرابع والمراد لما تفاوتت عند الناظر لا في الواقع لأن تفاوتها في الواقع لا يتوقف على ذلك. ثم إن ملاحظة الترتيب والهيئة يستلزم ملاحظة الاندراج، لأن شأن الصغرى أن يأتيها الحكم من اندراج موضوعها في موضوع الكبرى، فاندفع بهذا ما يقال عبارة الطوالع ليس فيها تعرّض للاندراج المذكور فلا يناسب الاتيان بها تقوية لكلام ابن سينا ثم أتت خبير بأن المحقق للتفاوت في الجلاء إنما هو الهيئة فقط لا هي مع الترتيب خلافا لظاهره،
هذا وظاهره أن كل شكل فيه جلاء وخفاء، وليس كذلك بل الأوّل جلي فقط والرابع خفي فقط. وأما الثاني ففيه خفاء بالنسبة للأوّل وجلاء باعتبار الثالث، والثالث فيه جلاء باعتبار الرابع وخفاء الثاني (قوله انتهى)