لا يعرض لمثله خلف في وعده ولا موت لذاته ولا عجز يمنع نفوذ قدرته وارادته، فانا نقطع بوقوع ذلك منه أبدا ونؤمن به، وليس ذلك إلا الله مولانا جل وعلا، فهذا المثال لا تخفى مطابقته لما ادعيناه في نعيم الجنة للمؤمنين، ولا لما ندعيه في عذاب جهنم للفلاسفة القائلين بقدم العالم وأضرابهم من الطبائعيين وسائر الكافرين، نسأله سبحانه أن يجعلنا في الدنيا والآخرة من حزبه المفلحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون آمين يا رب العالمين.
(ص) وأيضا يلزم على وجود حوادث لا أوّل لها أن يقارن الوجود الأزلي عدمه.
(ش) هذا وجه ثان لإبطال حوادث لا أوّل لها، وتقريره أن تقول لو كانت الحوادث لا أوّل لها للزم اجتماع الوجود الأزلي مع عدمه، وبيان الملازمة أن كل حادث من تلك الحوادث مسبوق بعدم لا أوّل له، وتلك العدمات كلها مجتمعة في الأزل إذ لا ترتيب فيها، وجنس الحوادث أزلي أيضا لأنها لا أوّل لها، وذلك الجنس لا يتحقق وجوده إلا في حادث من أفراده، فيلزم أن يكون ذلك الحادث أزليا. لكن عدمه السابق عليه أيضا أزلي لما سبق أن عدم كل حادث أزلي، فقد لزم مقارنة وجود الشيء لعدمه، لأنهما أزليان معا واجتماع وجود الشيء مع عدمه محال على الضرورة، وفيه أيضا مصاحبة السابق،
لما سبق أن يقول ومثلوا لما ادعيناه (قوله وأيضا يلزم الخ) لكن المقارنة باطلة فبطل وجود حوادث لا أوّل لها وثبت أن لها أوّلا (قوله الأزلي) صفة للوجود (قوله عدمه بالرفع) فاعل يقارن ويصح نصبه ورفع وجود على الفاعلية (قوله وجه ثان) بل هو ثالث، والأوّل فراغ مالا يتناهى عددا قبل الموجود الآن. والثاني لزوم عدم ما هو محقق الوجود، وكل منهما باطل كما تقدم (قوله للزم الخ) أي لكن التالي باطل فبطل المقدم (قوله وبيان الملازمة الخ) الملازمة امتناع انفكاك الشيء عن الشيء: أي وبيان امتناع انفكاك التالي عن المقدم (قوله وتلك العدمات الخ) هذا لا يسلمه الخصم إلا ولو فرضنا زمانا يخلو عن الوجود، وهو لا يقول بذلك، بل يقول: ما من حادث إلا وقبله حادث إلى غير نهاية. ثم إن قوله: وتلك الخ توطئة لقوله فيلزم الخ (قوله إذ لا ترتيب فيها) أي في العدمات المجتمعة في الأزل بحيث يتقدم بعضها على بعض، ولو قال إذ لا ترتيب فيه: أي الأزل لكان أحسن لأن عدم الترتيب في العدمات سببه عدم الترتيب في الأزل (قوله أيضا) أي كما أن العدمات أزلية: أي غير مسبوقة بوجودات (قوله فيلزم أن يكون ذلك الحادث) أي الذي هو من أفراده (قوله أزليا) لأن الجنس أزلي ولا تحقق له إلا في فرد من أفراده وما تحقق فيه الأزلي يلزم أن يكون أزليا (قوله لكن عدمه) أي عدم ذلك الفرد الذي تحقق فيه الجنس (قوله أيضا) أي كما أن وجوده أزلي (قوله فقد لزم الخ) تفريع على بيان الملازمة (قوله واجتماع وجود الشيء مع عدمه محال) هذا في قوّة استثنائية حذفها الشارح، وحينئذ فهذا مرتبط بقوله أوّلا لزم اجتماع الوجود الأزلي مع عدمه، ويصح أن تجعل هذه مقدّمة كبرى جلية، وقوله: أوّلا لو كانت الحوادث لا أوّل لها لزم اجتماع الوجود الأزلي مع عدمه مقدّمة صغرى شرطية فعلى هذا يكون الذي ذكره الشارح قياسا اقترانيا من الشكل الأوّل مركبا من شرطية وحملية (قوله وفيه) أي في كون الحوادث لا أول لها (قوله أيضا)