الكلام على شفاعته صلى الله عليه وسلم في إخراج عصاة المؤمنين من النار
الكلام على حوضه صلى الله عليه وسلم
فهو عام يقبل التخصيص، وأيضا فيحتمل أن المراد حض العصاة على التوبة والرجوع إلى الله تعالى، وأن لا يقنطوا بمواقعة الذنب من رحمة الله تعالى حتى يصدّهم ذلك عن التوبة ويدل عليه قوله تعالى إثر هذه الآية - وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب - الآية. المذهب الثالث أن العذاب ثابت حسن في حق الكفار وعصاة المؤمنين، وهذا هو الذي أجمع عليه أهل السنة والمعتزلة إلا أن حسنه عند أهل السنة بالشرع وعند المعتزلة بالعقل، وأيضا فليس هو دائما في حق من نفذ فيه من عصاة المؤمنين عند أهل السنة، ولا شاملا عندهم لجميع العصاة لثبوت عفوه تعالى عن كثير وخالف المعتزلة في الأمرين. وبالجملة فمذهب جميع أهل الحق وأهل السنة أن الناس على قسمين مؤمن وكافر، فالكافر مخلد في النار بإجماع، والمؤمن على ضربين محفوظ من المعاصي عمره وغير محفوظ، فالأوّل في الجنة بالإجماع، والثاني صاحب صغائر فقط وصاحب كبائر فقط، وصاحب الكبائر تائب وغير تائب، فالقسمان الأوّلان أيضا في الجنة أبدا بالإجماع، وربما تكون بعد أهوال ثم يغفر الله سبحانه، وغير التائب في مشيئة الله مع اجماعهم على نفوذ الوعيد في بعضهم وهم جماعة من كل ّ نوع من أنواع المعاصي. وأما شفاعة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم في إخراج عصاة المؤمنين من النار فلا خفاء في ثبوتها عند أهل السنة وأنكرها المعتزلة على أصلهم في أن الفاسق مخلد في النار كالكافر، ولنبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم شفاعات أخر مشهورة في كتب الحديث، نسأله سبحانه أن لا يحرمنا منها. وأما ثبوت الحوض له صلى الله عليه وسلم فمشهور مستفيض، نسأله سبحانه أن يجعلنا في الرغيل الأوّل من الواردين منه. واختلفوا هل هو قبل الصراط أو بعده والتحقيق أن له
(قوله فهو عام) أي لصدقه بكل مؤمن مرتكب للكبيرة أراد الله نفوذ الوعيد فيه أولا (قوله يقبل التخصيص) أي بأن يخرج منه من أراد الله نفوذ الوعيد فيه من مرتكبي الكبائر وحينئذ فلا يصح استدلال المرجئة به (قوله وأن لا يقنطوا) أي العصاة (قوله ذلك) أي القنوط (قوله ثابت) أي لإخبار الشارع بوقوعه (قوله حسن) أي لا يلحق المولى سبحانه لوم في إيصاله لكل من الكافر والمؤمن العاصي (قوله وأيضا الخ) ارتكب لفظ أيضا مراعاة لمعنى الاستثناء قبل (قوله في الأمرين) أي اللذين هما عدم الدوام وعدم الشمول (قوله وأهل السنة) عطف تفسير (قوله بإجماع) أي من أهل السنة والمعتزلة وكذا يقال فيما بعد (قوله وصاحب كبائر فقط) أي جنس الكبائر الصادق بالكبيرة الواحدة فأكثر (قوله فالقسمان الأوّلان) هما صاحب الصغائر وصاحب الكبائر الذي تاب منها (قوله وربما تكون) أي الجنة (قوله بعد أهوال) كالعرض والحساب وهذه الأهوال ليست من الوعيد (قوله مع اجماعهم الخ) لأجل أن يتحقق بذلك صدق الوعيد، وظاهر العبارة يتناول الكبائر والصغائر (قوله من أنواع المعاصي) الأحسن من أنواع العصاة فالظلمة نوع من أنواع العصاة وأكلة الربا نوع والزناة نوع وهكذا ... (قوله شفاعات أخر) كشفاعته العظمى التي لتعجيل الحساب وإراحة الناس من هول الموقف وهذه خاصة به وشفاعته لمن رآه أو زاره محتسبا وشفاعته في أهل بيته أن لا يدخل أحد منهم النار (قوله في الرغيل الأوّل) هو الطائفة السابقة من الخيل أو البقر استعاره الشارح