فهرس الكتاب
الصفحة 504 من 517

على سر القدر، وهو مما نهينا عن الخوض فيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا ذكر القدر فأمسكوا» والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا علم لنا بشيء إلا أن يعلمنا جل وعلا بفضله. المذهب الثاني أن العذاب إنما يحسن في حق الكافر دون المسلم وهو مذهب المرجئة، وجزموا بنفي عقاب من مات من أهل الكبائر قبل أن يوفق للتوبة، واحتجوا بقوله تعالى - إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين - ودخول النار خزي بدليل - من تدخل النار فقد أخزيته - فهو خاص اذن للكافرين، وبقوله تعالى - إنا قد أوحي الينا أن العذاب على من كذب وتولى - والألف واللام في العذاب للعموم، وبقوله تعالى - كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها - الآية، وبقوله تعالى - لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى - وبقوله جل ّ وعز - وهل يجازي إلا الكفور - والكفور لفظ مبالغة، فوجب أن يختص بالكافر. لا يقال يعارضه قوله تعالى - من يعمل سوءا يجز به - لأنا نقول يرجح عند التعارض آي الوعد على آي الوعيد لأن رحمته تعالى وفضله أغلب، وبقوله تعالى - يوم تبيض وجوه وتسود ّ وجوه - الآية، وبقوله تعالى - وجوه يومئذ مسفرة - الآية، وبقوله عز وجل - ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا - الآية، والمراد المؤمنون لأن الاضافة تشعر بتشريف مّا ولا شرف للكافرين والجواب عن الجميع أن الآيات المخصصة العذاب بالكافر مراد بها عذاب وخزي خاص، وهو الذي يقتضي الخلود ولا فلاح بعده والعياذ بالله، ولا خفاء أن ذلك خاص بالكافرين. وأما قوله تعالى - يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم -

على التحسين (قوله سر القدر) أي حكمته مثل الحكمة في كون الصلوات خمسا وفي كون هذا غنيا وهذا فقيرا وهكذا ككون هذا عالما وهذا جاهلا والنبي ّ صلى الله عليه وسلم لم يخرج من الدنيا حتى أطلعه الله على جميع ذلك ونحن في الآخرة نعلم سر القدر أيضا (قوله والله سبحانه الخ) هذا من كلام المؤلف (قوله المرجئة) سموا بذلك لارجائهم المعصية: أي عدم اعتبارهم لها من حيث إنها لا يترتب على فعلها عذاب (قوله إن الخزي الخ) أي وتعريف المسند إليه يقتضي الحصر وبهذا يتم ّ لهم احتجاجهم فلا بد ّ منه (قوله فهو) أي الخزي (قوله أن العذاب الخ) أي كل عذاب لا يكون إلا لمن كذب وتولى، وحينئذ فمرتكب الكبيرة لا يعذب (قوله سألهم خزنتها الآية) أي - ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير - الخ فدل ّ هذا على أن كل ّ من دخل النار فهو مكذب ومقتضاه أن من لم يكن مكذبا فلا يدخل النار (قوله فوجب أن يختص بالكافر) أي وهو الذي تحقق فيه هذا المعنى الجاري على المبالغة فيخرج كفر النعم (قوله لا يقال الخ) وارد على المرجئة (قوله يعارضه الخ) أي ما ذكر من الآيات على وجه الاستدلال بها قوله تعالى الخ: أي وحيث كانت هذه الآية معارضة لما ذكر سقط احتجاجهم به (قوله لأنا نقول) أي على لسانهم (قوله لأن رحمته الخ) وجه لترجيح آي الوعد على آي الوعيد قوله وبقوله الخ) عطف على بقوله السابق، وأنت خبير بأن السؤال المتقدّم وارد على جميع ما احتجوا به فكان الأولى تأخيره عن الجميع (قوله المخصصة الخ) أي التي جعلت العذاب خاصا بالكافر (قوله مراد بها) أي الآيات والاسناد مجازى (قوله وخزي خاص) أي وليست باقية على عمومها لكل عذاب (قوله أن ذلك) أي الذي يقتضي الخلود

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام