وممن يقتدى به لما وقع من الاختلاف والتعصب، حتى صار الناس فرقتين علوية وعثمانية، وقد قيل أن سبب قوله بالتفضيل بينهما طلبته العلوية حتى امتحن رحمه الله، ومعنى التفضيل كثرة الثواب ورفع الدرجة، وذلك لا يدرك بقياس، وإنما يثبت بالنقل ولا يستدل ّ عليه بكثرة الطاعات الظاهرة، إذ قد يكون عمل اليسير من عمل السر أكثر من الكثير الظاهر، وان كانت الأعمال الظاهرة فيها مجال لغلبة الظن ّ بالتفضيل،
واختلف القائلون بالتفضيل، فقيل هو قطعي ومال إليه الأشعري، وإليه يشير قول مالك في المدوّنة في تفضيل أبي بكر: أو في ذلك شك. وقال القاضي: هو ظني قال: لأن المسئلة اجتهادية لو ترك أحد النظر فيها لم يأثم، وكذلك اختلف هل التفضيل في الظاهر والباطن، أو في الظاهر خاصة، والقاضي
لتعارض الأدلة وقيل معناه الامساك عن التصريح بما هو الحق مع معرفته لمقتض (قوله يقتدى به) أي الأشياخ الذين يقتدى بهم مالك رحمه الله تعالى فيقتدى بالبناء للفاعل ثم ان قوله وقف هكذا في بعض النسخ بواو واحدة وهو على إسقاط واو العطف (قوله أنه الخ(1 ) ) أن ومعمولاها مفعول ليحتمل وضمير أنه للحال والشأن، وقوله: لما: أي لأجل ما (قوله بالتفضيل بينهما) أي بتفضيل عثمان على علي ّ ورجوعه عن الوقف، وقوله: طلبته: أي أن طلبته فهو على تقدير أن: أي طلب العلوية منه أن يقول بأفضلية علي ّ على عثمان حين امتحن عند مخالفتهم (قوله حتى امتحن) أي بالسجن وضرب بالسياط ثلاثين سوطا فأزيد، واختلف في الزائد على الثلاثين إلى المائة وصارت يداه لا يقدر على رفعهما ولا على تحريك ثوبه بهما، واختلف في سبب ذلك فقيل ان وإلى المدينة جعفر بن سليمان نهى الإمام أن يحدث أنه ليس على المكره طلاق فخالفه وحدث بذلك، وقيل ان الذي نهاه أبو جعفر المنصور، وقيل إن سبب الامتحان أن جماعة من العلوية سألوه من الأفضل عثمان أو علي ففضل عثمان فأمروه بالرجوع عن ذلك والقول بتفضيل علي ّ فامتنع فضربوه ففقول الشارح حتى امتحن: أي ضرب بناء على القول الأخير (قوله وذلك) أي كثرة الثواب ورفع الدرجات (قوله ولا يستدل ّ عليه) أي على ما ذكر من كثرة الثواب ورفع الدرجات (قوله إذ قد يكون) أي الثواب (قوله من الكثير الظاهر) الأنسب مما هو كثير ظاهر (قوله وإن كانت الخ) جملة حالية (قوله وإليه) أي إلى كونه قطعيا (قوله اجتهادية) أي مما ينتجه الاجتهاد من غير تعيين النظر فيها (قوله لو ترك الخ) أي لأنه لو ترك الخ: أي كما هو شأن مسائل الاجتهاد (قوله في الظاهر والباطن) التفضيل في الظاهر يرجع لكثرة الطاعات والتفضيل بالباطن يرجع لكثرة الثواب وعلو ّ الدرجات، وكان المناسب للشارح أن يقدم قوله: واختلف هل التفضيل الخ على قوله سابقا ومعنى الخ ويرتب ما تقدم من قوله ومعنى التفضيل الخ على القول بأن التفضيل في الباطن لأن التفضيل في الباطن هو المناسب لأن يجري عليه المعنى السابق من كون التفضيل
(1) قوله: أنه الخ، ليست هذه الكلمة موجودة بنسخ الشرح التي بأيدينا اهـ مصححه
33 -حواش