المذهب الرابع مع الرد على الأخيرين
الرد على مذهب السمنية والمهندسين بظهور فساد مذهبهم
الفرق بين الضروري الذي له سبب ولضروري الذي ليس له سبب
الضروري، والرابع مذهب الحكماء، والرد على الأخيرين بما يأتي من وجوب اسناد وقوع الممكنات كلها إلى الله تعالى ابتداء وإبطال أصل التولد والتعليل على سبيل التأثير، وأما مذهب السمنية المانعين افادة النظر مطلقا والمهندسين المانعين افادته في الالهيات فلا يخفى فسادهما وضرورة العلم بإفادته المستفادة من التجربة كافية في الرد عليهما. لا يقال الضروري لا يختلف فيه العقلاء وهذا قد اختلفوا فيه. لأنا نقول ذلك في الضروري الذي ليس له سبب ككون الكل أعظم من جزئه. أما ماله سبب كهذا فلا يدركه ضرورة إلا من شاركه في السبب كحلاوة هذا الطعام مثلا
الذي تقدم للنفس إدراكه ثم غفلت عنه ولم تنسه وأتاها من غير استرجاع (قوله الضروري) وصف كاشف: أي الذي يحصل بغتة بدون إعمال فكر (قوله أصل التولد) الإضافة للبيان ... (قوله على سبيل التأثير) أما بمعنى الربط العادي أو الشرعي فهو صحيح نحو احراق الثوب متولد من امساس النار له، وحرمة الخمر متولدة من اسكارها ونحو العلة في حرمة الخمر اسكارها، والعلة في احتراق الثوب امساس النار له، فقوله على سبيل التأثير راجع لكل من التولد والتعليل (قوله وأما مذهب السمنية) عطف على محذوف: أي وما ذكر من أن النظر يفيد العلم مطلقا في الالهيات وغيرها هو مذهب أهل السنة وأما الخ، والسمنية بضم السين المهملة وفتح الميم اسم لطائفة من الأوائل أنكروا افادة النظر العلم، وزعموا أن طريق افادته الحواس: السمع والبصر الخ. قيل نسبة لسمن كعمر اسم صنم كانوا يعبدونه، وقيل نسبة لسومان بلدة بالهند على غير قياس (قوله المانعين افادة النظر) أي المانعين افادة النظر العلم، وقوله: مطلقا: أي في الالهيات وغيرها. وأما افادته الظن فلا يمنعونها (قوله والمهندسين) جمع مهندس: أي أصحاب الهندسة، وهي علم يعرف به خواص المقادير: أعني الخط والسطح، والجسم التعليمي. وفائدته معرفة كمية مقادير الأشياء (قوله المانعين افادته) أي افادة النظر العلم، وهم كفار (قوله فلا يخفى فسادهما) ففسادهما ضروري لا يحتاج لدليل، فقوله وضرورة الخ تنبيه على ذلك لا دليل إذ الضروريات قد ينبه عليها إزالة لما في بعض الأذهان من الخفاء (قوله وضرورة العلم) في قوة التعليل والإضافة من إضافة الصفة: أي لأن العلم ضروري الخ، وهو تعليل لعدم خفاء فساد القول بأن النظر لا يفيد العلم مطلقا أو في الالهيات فقط، وقوله: بإفادته: أي النظر للعلم، وقوله: المستفادة نعت للضرورة، وقوله: من التجربة: أي تجربة النظر: أي أننا جربنا النظر مرارا فوجدناه يفيد العلم ولا شك أن العلم المستفاد من التجربة ضروري (قوله كافية في الرد ّ عليهما) لأن من أنكر الأمر الضروري لا يلتفت اليه (قوله لا يقال الخ) هذا وارد على كون العلم بإفادة النظر ضروريا وتقرير ذلك الاعتراض أن يقال لا نسلم أن ذلك العلم ضروري إذ لو كان ضروري لما اختلف فيه العقلاء لكن التالي باطل فكذا المقدم (قولنا وهذا) أي العلم بإفادة النظر العلم (قوله اختلفوا فيه) أي
بالإفادة وعدمها (قوله لأنا نقول الخ) منع للشرطية، وحاصله أنا لا نسلم أن كل ضروري لا يقع فيه الاختلاف بل قد يقع فيه (قوله ذلك) أي عدم اختلاف العقلاء (قوله كهذا) أي ما ذكر من العلم بإفادة النظر العلم (قوله إلا من شاركه في السبب)