قلنا معنى التعليل هنا التلازم لا إفادة العلة معلولها الثبوت.
(ش) احتج القائلون بنفي الصفات بأنها لو وجدت للزم تعليل الواجب والتالي باطل فالمقدم مثله والملازمة ظاهرة، وأما بطلان التالي فلأن الواجب لو علل لكان ممكنا من حيث إن ثبوته حينئذ يكون مستفادا من غيره، فيكون له العدم باعتبار ذاته بمعنى أنه لو خلى وذاته لم يكن إلا معدوما وهو حقيقة الممكن والامكان ينافي الوجوب لا محالة، وأيضا فالبارئ جل وعلا لا يتصف بصفة ممكنة فإذن كون الشيء واجبا لا يجامع كونه معللا. أجاب أئمتنا رضي الله تعالى عنهم بمنع الاستثنائية، وذلك لأن التعليل اذا أطلق في صفات البارئ تعالى على القول بثبوت الأحوال، فليس معناه إلا التلازم: أي هذه الصفة الواجبة له تعالى كالعلم مثلا تلازم صفة أخرى واجبة له جل وعلا تسمى حالا كالعالمية مثلا، وليس معناه أن صفة العلم أفادت العالمية الثبوت
أي وجواز الواجب باطل بالضرورة لما فيه من الجمع بين متنافيين (قوله قلنا الخ) رد ّ للاستثنائية وحاصله أنا لا نسلم أن تعليل الواجب باطل مطلقا لأن المراد بالتعليل هنا الاستلزام ولا محذور في استلزام بعض الصفات لبعض، وليس المراد بالتعليل هنا إفادة العلة لمدلولها الثبوت المستلزم لجواز المعلول، وحينئذ فالاستثنائية باطلة لبطلان دليلها (قوله هنا) أي في صفات الواجب (قوله لا إفادة العلة الخ) من إضافة المصدر للفاعل ومدلولها مفعول أوّل والثبوت مفعول ثان: يعني ليس التعليل هنا بمعنى أن صفة العلم أفادت العالمية الثبوت بل ذلك التعليل راجع لمعنى الاستلزام ولا يلزم منه تأثير العلة في معلولها والتلازم كما يعقل بين الممكنين من غير تأثير لأحدهما في الآخر كالجوهر والعرض كذلك يعقل بين الواجبين من غير تأثير أيضا فكما أن إرادته تلازم علمه كذلك إرادته تلازم مراديته على القول بأن المرادية حال (قوله احتج القائلون) أي المعتزلة (قوله بنفي) أي انتفاء، وقوله: الصفات: أي المعاني ... (قوله ظاهرة) لأنها لو وجدت إنما توجد على أنها علل للمعنوية (قوله فلأن الواجب) أي المعنوية (قوله لو علل) أي بالمعاني (قوله لكان ممكنا) أي لكن التالي باطل (قوله من حيث الخ) تعليل للتلازم الذي في الشرطية القائلة لو علل الواجب لكان ممكنا (قوله بمعنى الخ) أي بمعنى أن الممكن لو خلى مع ذاته: أي بقطع النظر عن علته المقتضية لوجوده لم يكن إلا معدوما (قوله وهو) أي ما كان العدم ثابتا له باعتبار ذاته فالضمير راجع لما استفيد من قوله إن ثبوته حينئذ الخ (قوله والامكان الخ) مرتبط بقوله: لكان ممكنا وهو سند أوّل لاستثنائية الدليل الذي حذفها الشارح وهي لكن كون الواجب ممكنا محال، وقوله: وأيضا الخ سند ثان لها (قوله فإذن الخ) مفرع على قوله فلأن الواجب لو علل لكان ممكنا فهو اشارة إلى النتيجة بالمعنى فهو في قوّة قولنا فبطل المقدم وهو تعليل الواجب (قوله بمنع الاستثنائية) أي استثنائية الدليل الأوّل وهو المشار له بقوله لو وجدت للزم تعليل الواجب لكن التالي باطل فمثله المقدم ... (قوله على القول بثبوت الأحوال) وأما على القول بنفيها فلا تلازم إذ لا تغاير والشيء لا يلازم نفسه (قوله كالعالمية مثلا) أدخل بمثلا القادرية اللازمة للقدرة والارادية اللازمة للإرادة لأن القدرة والارادة دخلتا بمثلا