(ص) ومعتمد من أحالها من المبتدعة أنها تستدعي الجهة والمقابلة وهو باطل، لأن ذلك مفرع على انبعاث الأشعة فتتصل بالمرئي، وذلك لو صح لوجب أن لا يرى الإنسان الا قدر حدقته وهو باطل على الضرورة.
(ش) الأشعة عندهم أجزاء مضيئة تنفصل من العين وتتشبث بالمرئي فيرى بشرط أن يكون في مقابلة الرائي ويشترط انتفاء القرب والبعد المفرطين، وإنما تقع الرؤية عندهم بالطرف بطرف تلك الأشعة المتصل بالمرئي، ويسمونه قاعدة الشعاع ويسمون المتصل منها بالناظر منبعث الشعاع وقالوا إن قاعدة الشعاع إذا لاقت جسما صقيلا لا تضرس فيه كالمرآة لم تتشبث به، بل تنعكس إلى الرائي فيرى نفسه، وقالوا وإنما لم ير داخل الجفن للقرب المفرط، فلهذا قالوا لا يصح أن يرى جل وعز لاستحالة اتصال الأشعة به لأنها إنما تتصل بالأجسام والأجرام، ولاستدعائها جهة تنبعث إليها والله جل وعلا ليس بجرم ولا في جهة: وأهل الحق رضي الله عنهم يقولون: الادراك معنى يخلقه الله تعالى في المدرك،
الموجود فلا يصح علة وقد مر بيانه. وحاصل الاعتراض السابع أنه لا يلزم من كون وجودنا علة لصحة رؤيتنا أن يكون وجوده تعالى علة لصحة رؤيته لأن وجود الشيء عينه فوجودنا مباين لوجوده تعالى، ولا يلزم من ثبوت حكم لأحد المتباينين ثبوت مثله للآخر ولا يخفى ما بينهما من المغايرة (قوله من أحالها) أي رؤية البارئ (قوله من المبتدعة) جمع مبتدع وهو من خالف السلف الصالح فهو صادق على المعتزلة (قوله أنها) أي الرؤية مطلقا لا خصوص رؤية المولى (قوله تستدعي) أي تستلزم، وقوله: الجهة المراد بها هنا جهة الأمام وإن كانت في حد ّ ذاتها صادقة بالجهات الست، لأن الرؤية انما تستدعي جهة الأمام فقط (قوله والمقابلة) من عطف الملزوم لأن المقابلة تستلزم جهة لكنها خاصة (قوله وهو) أي معتمدهم وهو أن الرؤية تستلزم عقلا الجهة للمرئي والمقابلة (قوله لأن ذلك) أي استدعاء الرؤية للجهة والمقابلة (قوله على انبعاث الأشعة) أي انفصالها من بصر الرائي واتصالها بالمرئي (قوله وذلك) أي انبعاث الأشعة (قوله لوجب الخ) لأن الأشعة غاية ما تبلغ ملء الحدقة فبمقتضى ذلك أنه في ساعة الابصار لا يرى إلا قدر حدقته فقط (قوله وهو) أي التالي (قوله عندهم) أي المبتدعة وهم المعتزلة هنا (قوله من العين) أي من ناظر العين (قوله وتتشبث بالمرئي) أي تتصل وتتعلق به (قوله أن يكون) أي المرئي (قوله ويشترط انتفاء القرب) أي كجفن العين (قوله بالطرف الخ) الباء الأولى للآلة والثانية للسببية، والطرف الأوّل بسكون الراء بمعنى العين والثاني بفتح الراء آخر الأشعة، وقوله: المتصل بالمرئي نعت للطرف الثاني ... (قوله ويسمونه) أي طرف الشعاع المتصل بالمرئي (قوله بالناظر) أي إنسان العين (قوله منبعث) أي محل انبعاث (قوله لا تضرس فيه) أي لا خشونة فيه وهو تفسير لما قبله، وسبب الخشونة فيه عدم استواء الأجزاء فيه نظرا إلى السطح (قوله فلهذا) أي لما تضمنه المبحث من أن الرؤية عندهم بأشعة تنفصل من ناظر العين وتتصل بالمرئي (قوله والله الخ) تكميل ... للسند، وقوله: ولاستدعائها عطف عل قوله: لاستحالة (قوله الادراك) أي الوصف القائم بالمحل (قوله معنى) أي صفة