فهرس الكتاب
الصفحة 403 من 517

فإن خلق في جزء من العين يسمى إبصارا، وفي جزء من القلب يسمى علما، وفي جزء من الأذن يسمى سمعا، وفي اللسان يسمى ذوقا، وفي كل الجسد يسمى حسا، واختصاص خلقه بهذه المحال ّ إنما هو بحكم العادة، وكذا اختصاص بعضها بأن يكون المدرك في جهة وغير قريب جدا ولا بعيد جدا إنما هو بحكم العادة، ويجوز أن تنخرق العادة، فيتعلق بما هو قريب جدا أو بعيد جدا، بل بما ليس في جهة كما جرت العادة بذلك في العلم (قوله: وذلك لو صح لوجب الخ) هذا من جملة ما رد ّ به عليهم القول بانبعاث الأشعة، وهو أنه لو كانت الرؤية بانبعاث الأشعة للزم أن لا يرى الإنسان إلا قدر حدقته إذ لا تسع حدقته من الأشعة أكثر منها. لكنه يرى دفعة أكثر من ذاته كلها بأضعاف مضاعفة فضلا عن حدقته فدل على أن الرؤية ليست بما يزعمون من انبعاث الأشعة.

(ص) قالوا إنما يكون ذلك لاتصال الشعاع بالهواء وهو مضيء، فأعان على رؤية ما قابله كالبلور المعين بإشراقه على رؤية. قلنا

(قوله فإن خلق في جزء من العين) أي كالناظر الذي هو انسان العين (قوله يسمى ابصارا) الأولى بصرا) لأن الابصار مصدر أبصر والمقصود في المقام الصفة لا الفعل (قوله وفي اللسان) لم يقل وفي جزء من اللسان على أسلوب ما قبله لأن القوّة فيه منبعثة في الجلدة المفروشة على سطحه بتمامه لا في جزء منه (قوله وفي كل الجسد) أي وفي كل جزء من أجزاء الجسد، وفاته التعرض لادراك الشم فكان عليه أن يقول أو في جزء من الأنف يسمى شما (قوله واختصاص خلقه) أي خلق الله سبحانه وتعالى الادراك فهو من اضافة المصدر لمفعوله، وهو ضمير الادراك (قوله بعضها) أي الادراكات (قوله بأن يكون) متعلق باختصاص، وقوله: في جهة متعلق بمحذوف خبر يكون (قوله بذلك) أي بالتعلق بالقريب والبعيد جدّا وبما ليس في جهة (قوله في العلم) أي فكذلك الرؤية لا مانع من تعلقها بما ذكر بجامع أن كلا نوع من الادراك فكما تعلق علمنا بالباري لا مانع من تعلق رؤيتنا به (قوله وهو) أي المشار إليه (قوله أنه) أي الحال والشأن (قوله لكنه يرى دفعة) قيد بذلك دفعا لما عساه أن يقال إن الأكثر من الحدقة إنما يرى بعد انتشار الأشعة وأدخل لكن على دليل الاستثنائية المطوية القائلة لكن التالي باطل: أي كون الإنسان لا يرى إلا قدر حدقته باطل لأن الإنسان يرى دفعة الخ (قولوا قالوا) أي في الجواب عما ألزموا به من كون الإنسان لا يرى إلا قدر حدقته ولا يرى أكثر منها (قوله يكون ذلك) أي رؤية الإنسان أكثر من حدقته لاتصال الشعاع الخارج من العين بالهواء، والمراد بالهواء الأجرام الشفافة (قوله لاتصال الشعاع بالهواء) أي ثم ينعدم فيه ويتصل بعد ذلك بالجسم المرئي (قوله وهو) أي الهواء حال (قوله فأعان الخ) ضمير أعان للهواء، وكذا الضمير فيما قابله، والمراد بما قابل الهواء الشيء المرئي: أي فأعان الهواء على رؤية الشيء المرئي المقابل لذلك الهواء (قوله كالبلور الخ) هذا تنظير للإيضاح: أي كقارورة البلور فإنها جسم مضيء، فاذا كان في جسمها وهي مسدودة فالشأن عدم رؤية ما في جوفها لعدم اتصال الشعاع به لكنها لصقالتها وصفائها أعانت على رؤية ما فيها فهي بمنزلة الهواء وما فيها بمنزلة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام