فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 517

مذهب الجمهور - قوله تعالى - فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو - فأمر بالعلم لا بالاعتقاد وقد علمت الفرق بينهما، وقوله - فاعلم أنه لا إله إلا الله - وقوله تعالى - لتعلموا أن الله على كل ّ شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل ّ شيء علما - وقوله - ليستيقن الذين أوتوا الكتاب - الآية، واليقين بمعنى العلم، وقوله - قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني - والبصيرة معرفة الحق بدليله، فمن لم يكن على بصيرة في عقيدته لم يكن مشبعا للنبي صلى الله عليه وسلم عملا بمقتضى عكس النقيض الموافق، فلا يكون مؤمنا عند بعضهم، ويدل أيضا عليه قوله صلى الله عليه وسلم «إن الله أمر عباده المؤمنين بما أمر به عباده المرسلين» ومعلوم أن التقليد لا يصح في حق عباده المرسلين، وقوله صلى الله عليه وسلم «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله

حق في ذاتها بدون الالتفات لما قبلها (قوله مذهب الجمهور) أي من أن المقلد كافر (قوله فأمر بالعلم الخ) فيه أن الآية لا تدّل على أن العلم واجب وجوب الأصول بحيث أن من لم يحصل له العلم يكون كافرا فالاستدلال بها لا يتم (قوله الفرق بينهما) أي العلم والاعتقاد، فإن العلم هو الجزم المطابق لدليل، والاعتقاد الجزم لغير دليل (قوله فاعلم الخ) أي وخطاب الرسول خطاب للمرسل إليهم، ويأتي البحث السابق هنا (قوله ليستيقن) أي يتيقن (قوله قل هذه سبيلي الخ) ظاهر على أن الوقف على اسم الجلالة، وقوله: على بصيرة خبر مقدم لقوله أنا، وقوله: ومن اتبعني مبتدأ خبره محذوف: أي على بصيرة: أي علم، ومن المعلوم أن من من ألفاظ العموم، فالمعنى كل ّ متبع لي على بصيرة، فاذا جرينا على عكس النقيض الموافق الذي هو تبديل كل واحد من طرفي القضية بنقيض الآخر مع بقاء الصدق والكيف، فنقول حينئذ كل من ليس على بصيرة ليس متبعا لي فتضم هذا العكس كبرى (1) إلى مقدمة صغرى مسلمة قائلة المقلد ليس على بصيرة، وكل من ليس على بصيرة ليس بمتبع لي ينتج من الشكل الأوّل المقلد ليس بمتبع لي، وإذا انتفى عن المقلد الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم كان غير مؤمن، وإذا كان غير مؤمن كان كافرا إذ لا واسطة بين الإيمان والكفر. فالآية تدل على المدّعي بواسطة القياس المنتج لما يستلزم المدعى (قوله الموافق) صفة لعكس سمى بذلك لموافقته للأصل في الكيف، وهذا ليس بقيد إذ يصح عكس النقيض المخالف وهو تبديل الطرف الأوّل بنقيض الثاني والثاني بعين الأوّل مع بقاء الصدق دون الكيف، فيقال هنا لا شيء ممن ليس على بصيرة بمتبع لي، فتضم كبرى للصغرى السابقة، هكذا المقلد ليس على بصيرة ولا شيء ممن ليس على بصيرة بمتبع لي ينتج من الشكل الأوّل لا شيء من المقلد بمتبع لي وإذا انتفى عن المقلد الاتباع له صلى الله عليه وسلم كان غير مؤمن، وإذا كان غير مؤمن كان كافرا إذ لا واسطة، لكن قد يقال الاتباع المنفي في الموافق والمخالف هو الاتباع الكامل فلا ينتج الكفر، بل عدم الإيمان الكامل (قوله فلا يكون مؤمنا) أي بل هو كافر إذ لا واسطة، وهذا لازم للنتيجة لا نفسها، فليس مفرّعا على قوله: فمن لم يكن الخ الذي هو عكس النقيض الموافق بل

هذا مفرع على نتيجة القياس المطوي ّ (قوله والبصيرة) أي هنا، وقد تطلق على عين قائمة بالقلب (قوله المؤمنين) أي مآلا إذ هم عند أمرهم بالإيمان ليسوا مؤمنين (قوله ومعلوم أن التقليد لا يصح في حق المرسلين) أي فكذا في حق المؤمنين، وهذا توجيه للاستدلال بالحديث

(1) : كبرى حال اهـ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام