دخل الجنة» ولم يقل وهو يعتقد، وكل آية في القرآن ذامة للتقليد وآمرة بالنظر والاعتبار دليل على ذلك كقوله تعالى - قل انظروا -، وقوله جل ّ وعلا - أولم يتفكروا - وقوله سبحانه - إن في خلق السموات والأرض - الآية، وحذر سبحانه المتأني بالنظر بخوف قرب موته، فيفوته النظر بتأنيه، فيموت غير مؤمن عند بعضهم، فقال بعد قوله - أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم - واجماع الصحابة أيضا دليل على وجوب النظر، فإنها لم تزل تذم التقليد وتحذر منه، وهو قول شائع بينهم من غير نكير.
وقال القاضي رضي الله عنه: التقليد في علم التوحيد محال، لأنه إما أن يؤمر بتقليد من شاء، أو بتقليد
لكن قد يقال المرسلون لم يقم بهم إلا العلم فلا يصح التقليد منهم بخلاف غيرهم، فالحديث حينئذ لا يدل على ان التقليد لا يكفي (قوله دخل الجنة) أي ومن مات ولم يعلم بذلك لم يدخلها، ولو كان معتقدا ذلك فيكون كافرا، وقد يجلب بأن قوله: دخل الجنة: أي مع السابقين، فاذا مات ولم يعلم بذلك بل اعتقده لم يدخل مع السابقين، وهذا لا يدل على كفره (وقوله كل آية) مبتدأ خبره دليل، والمناسب تقديم هذا قبل الاستدلال بالسنة لأنه من جملة الاستدلال بالكتاب (قوله دليل على ذلك) أي على مذهب الجمهور من كفر المقلد، وفيه أن الذم كما يكون على ترك الواجب الأصلي يكون على ترك الواجب الفرعي، وحينئذ فالآيات الدالة على الذم لا تدل على الكفر المقلد (قوله قل انظروا الخ) أي فهذا أمر بالنظر والأمر بالشيء نهي عن ضده، فهذه الآية ذامّة للتقليد وآمرة بالنظر (قوله إن في خلق السموات الخ) هذه الآية لا تقتضي أن من لم يكن عنده الآيات الدالة على الصانع يكون كافرا (قوله وحذر الخ) أي أن المتأخر بالنظر خوّفه الله بقرب موته فيفوته النظر بسبب تأنيه وتأخيره فيموت كافرا (قوله المتأني) أي المتأخر، وقوله: بالنظر متعلق به، وقوله: بخوف متعلق بحذر (قوله عند بعضهم) يقتضي أنه مؤمن عند البعض الآخر، فلا يناسب موضوعه من تأييد القول بكفر المقلد، فالأولى إبداله بقوله على الصحيح أو حذفه (قوله وأن عسى الخ) يقول قال: أي قال وأن عسى الخ بعد قوله: أولم ينظروا، هذا بالنظر لعبارة الشارح. وأما بالنظر لنظم الآية فقوله: وأن عسى عطف على قوله - في ملكوت السموات والأرض - أي - أولم ينظروا - أي يتفكروا في قرب أجلهم المترقب حصوله بعسى (قوله أيضا) حقها التأخير عن قوله: دليل على وجوب النظر، لأن معناها على التقديم كما أن غير الصحابة أجمع على ذلك، مع أن غيرهم لم يجمع على ذلك (قوله فإنها) أي الصحابة الخ علة لقوله دليل الخ، وقد تبين بتلك العلة المجتمع عليه: أي وإجماع الصحابة على ذم التقليد دليل الخ، لكن قد يقال أن الوجوب فرّعي، وحينئذ فلا يكون الإجماع دليلا على الكفر كما أن الذم على التقليد كذلك (قوله من غير نكير) أي ممن سمع الذم، بل أقرّه، والإجماع السكوتي حجة (قوله على القاضي الخ) الأولى إسقاطه لأنه إنما
يناسب الرد على من يقول: إن التقليد في الأحكام الأصلية مأمور به ولا كلام لنافيه، ولا يناسب الاتيان دليلا على الدعوى التي هي عدم صحة الاكتفاء بالقليد (قوله التقليد) الأولى الأمر بالتقليد ليناسب قوله: لأنه إما أن يؤمر الخ