المحق، والأمر بالتقليد من شاء يلزم منه أن من قلد كافرا ممتثلا، وهو خلاف الإجماع، وان أمر بتقليد المحق: فإما أن يؤمر بتقليد المحق عند الله تعالى، وإن لم يعلم، هو كونه محقا أو بشرط علمه بكونه محقا. والأوّل من تكليف المحال. والثاني لا يعلم كونه محقا إلا بعد النظر القويم، وإذا نظر خرج عن كونه مقلدا، وإن قيل يؤمر بتقليد من غلب على ظنه أنه على الحق كما في الفروع لزم أن يكون كل من قلد مبتدعا، أو كافرا بناء على رجحان قوله في ظنه ممتثلا، والاجماع على خلافه اهـ. وأما ما اغتر ّ به القائل بصحة التقليد من اكتفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بإجراء أحكام الاسلام، ورفع القتال بمجرّد النطق بكلمتي الإيمان من غير بحث منهم على السرائر، فلا دليل فيه، لأن ذلك إنما هو من باب إجراء الأحكام على المظان والظواهر، وليس كلامنا فيه، وإنما كلامنا فيما بين العبد وربه وفيما ينجيه من الخلود مع سائر الكفرة في النار، وقد أجرى النبي صلى الله عليه وسلم أحكام الإسلام على من قطع فيه بأرد إكفر من المنافقين، ولم يدّل ذلك على أنهم كذلك في الآخرة، وإلى هذا المعنى أشرت بقولي: فإنها في الآخرة غير مخلصة عند كثير من المحققين: أي وأما في الدنيا: فمبني أحكامها على الظواهر،
(قوله المحق ّ) أي القائل بالحق (قوله وهو خلاف الإجماع) أي وما خالفه باطل وإذا كان اللازم وهو ان مقلد الكافر ممتثل باطلا، فليكن اللزوم، وهو الأمر بالتقليد لمن يشاء كذلك ... (قوله هو) أي من أمر بالتقليد (قوله والأوّل من تكليف المحال) أي وهو باطل، فالملزوم وهو الأمر بالتقليد كذلك، والأولى أن يقول: والأوّل بما لا يطاق لأنه ليس في قدرته العلم بالمحق عند الله، والتكليف بما لا يطاق باطل (قوله إلا بعد النظر القويم) أي في أقواله التي يقلده فيها حتى يعلم حقيقتها، ولا شك أنه إذا نظر فيما ذكر وعرف حقيقته كان عارفا، والغرض أنه ليس بعارف. هذا خلف لأنه جمع بين النقيضين (قوله ممتثلا) خبر يكون، وقوله: مبتدعا مفعول قلد، وقوله: على رجحان قوله: أي المبتدع، وقوله: في ظنه: أي المقلد (قوله بكلمتي الإيمان) من إضافة الدال للمدلول والدلالة ظنية، والمراد بهما كلمتا الشهادتين (قوله من غير بحث منهم على السرائر) أي من عقائد الناطق بالشهادتين المسرورة: أي المخفية في قلبه، هل هي عن دليل أم لا؟ فلولا أن التقليد كاف لما اكتفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمجرد النطق بما ذكر، بل سألوا عن السرائر، هل هي دليل أم لا؟ (قوله على المظان والظواهر) أي لا على البواطن، فقد سكت عن الباطن ولم يتعرّض له، فهو محتمل لأن يكون ما فيه كفرا، والمظان جمع مظنة: أي المحل الذي يظن منه أنه عالم في الباطن، فعطف الظواهر عليه مرادف (قوله وإنما كلامنا الخ) أي هل يكفي فيه التقليد أو لا بد ّ من المعرفة (قوله وقد أجرى الخ) علة لقوله إنما هو الخ) فهو من تتمة مستند قوله: فلا دليل عليه (قوله بأردى إكفر) هو النفاق (قوله ذلك) أي إجراء الأحكام (قوله على أنهم كذلك) أي مسلمون: أي ومثلهم المقلدون، فإجراء الأحكام عليهم لا يدّل على انهم مسلمون في الآخرة (قوله وإلى هذا المعنى) أي الاكتفاء بالتقليد نظرا للظاهر (قوله أشرت الخ) المراد بالإشارة ما قابل الصريح، لا ما لا يدّل