(ص) فصل: وإذا عرفت استحالة تأثير القدرة الحادثة في محلها بطل لذلك تأثيرها بواسطة مقدورها في غير محلها: كرمي الحجر والضرب بالسيف ونحو ذلك مما يوجد عادة بواسطة حركة اليد مثلا، وهو المسمى بالتولد عند القدرية مجوس هذه الأمة مع ما فيه على مذهبهم من وجود أثر بين مؤثرين ووجود فعل من غير فاعل أو فاعل من غير إرادة، ولا علم بالمفعول ونحو ذلك من الاستحالات المذكورة في المطوّلات،
قوله: فصل
اعلم أن القدرية نسبوا لقدرة العبد التأثير مباشرة وتولدوا، فتأثيرها مباشرة هو تأثيرها في محلها بدون واسطة، وتأثيرها بطريق التولد هو تأثيرها في غير محلها بواسطة، ولما أنهى المصنف الكلام على بطلان تأثيرها مباشرة في محلها أتبعه بالكلام على بطلان تأثيرها بواسطة في غير محلها، ولما كان هذا مغاير لما سبق أتى بالترجمة وحذف المترجم له إيجازا (قوله في محلها) أي في الحال في محلها أو في صفة محلها وهي الحركات والسكنات القائمة باليد مثلا (قوله لذلك) أي لما عرفت من الاستحالة المذكورة (قوله في غير محلها) أي في الحال في غير محلها (قوله كرمي الحجارة الخ) مثال للحال في غير محلها. واعلم أن رمي الحجر فيه مقدوران أحدهما حركة اليد والثاني حركة الحجر عند رميه وانفلاته من اليد، فالأوّل في محل القدرة لأنه صفة لليد، والثاني ليس في محلها بل سبب عن الأوّل الذي هو صفة لليد، وكذلك الضرب بالسيف فيه مقدوران حركة اليد وصدم الحديد لما يلاقيه، والأوّل في محل القدرة والثاني ليس في محلها، وكذلك إذا حركت يدك وفيها مفتاح أو خاتم، فحركة اليد مقدور في محل القدرة لأنه صفة لليد، والثاني حركة المفتاح أو الخاتم، وهذا ليس في محل القدرة وهو مسبب عن الأوّل، فكل من المقدورين مخلوق لله عند أهل السنة ومخلوق للعبد بقدرته الحادثة عند القدرة. لكن الأوّل مخلوق بقدرته مباشرة والثاني تولدا، والتولد عندهم ايجاد حادث بواسطة مقدور القدرة الحادثة (قوله ونحو ذلك) أي كالحرارة الناشئة عن حك جسم بآخر، وخروج النار عن اصطكاك الزناد بالحجر (قوله مثلا) أي أو الرجل (قوله وهو) أي ما يوجد عادة بواسطة حركة اليد مثلا (قوله المسمى بالتولد) فيه أن ما يوجد عادة بواسطة حركة اليد يسمى متولدا إلا أن يقال إن قوله: مما يوجد على حذف مضاف: أي من إيجاد ما يوجد (قوله مع ما فيه الخ) متعلق بقوله بطل لذلك تأثيرها: أي مع ما في التولد زيادة على ما سبق في رد ّ مذهبهم من وجود أثر بين مؤثرين فقدرة العبد وحركة يده أثرا في الضرب مثلا، فقد صدق أنه وجد أثر وهو الضرب بين مؤثرين وهما القدرة الحادثة وحركة اليد (قوله ووجود فعل من غير فاعل) عطف على مدخول من وتوضيحه أنه إذا فرض أن زيدا رمى سبعا بسهم ومات زيد الرامي قبل وصول السهم للسبع المرمى ثم وصل السهم بعد موته للسبع المرمى فجرحه، فقد وجد الفعل وهو الجرح بدون فاعل لأنه لما مات ذلك الفاعل صار كالعدم (قوله أو فاعل الخ) أي إذا نظرنا لذاته لكنها خالية عنهما ولم يلاحظ أنها صارت بالموت كالعدم، وهذا عطف على فعل وأو للترديد: أي أنه يلزم على التولد