واتفق الأكثر على عدم تولد الشبع والري ّ ونحوهما عن الأكل والشرب وشبههما، وذلك مما ينقض أيضا على القائلين بالتولد وبالله التوفيق، وهذا الذي ذكر في أوصافه تعالى إلى هنا هو كله مما يجب في حقه تعالى، وإذا علم ما يجب في حقه تعالى علم ما يستحيل وهو ضد ذلك الواجب.
(ش) مذهب أهل الحق على ما سبق أن القدرة الحادثة لا تأثير لها في شيء من الممكنات، وهي تتعلق بمقدورها من غير تأثير، بل نسبته إليها كنسبة العلم الذي يتعلق بمعلومه ولا يؤثر فيه إلا أن القدرة الحادثة لا تتعلق بمقدورها إلا في محلها وما خرج عن محلها فلا نسبة بينه وبين القدرة لا تأثيرا ولا غيره. والمعتزلة قد سبق أن مذهبهم أن العبد مخترع أفعاله، ووافقوا على أن القدرة الحادثة لا تتعلق مباشرة إلا بالمقدور الذي هو في محلها غير أنهم يرون أن ما في محلها سبب يوجد به ما هو خارج عن محلها، وزعموا أن السبب والمسبب مقدوران للعبد إلا أن أحدهما مباشرة والآخر وهو المسبب بواسطة ايقاع السبب ولم يذكروا تولدا في محل القدرة الحادثة إلا العلم النظري فإن النظر عندهم يولد
إما كذا أو كذا (قوله واتفق الأكثر) أي من القدرية أما الأقل فعلى أن كلا من الأكل والشبع مثلا مخلوق للعبد (قوله على عدم الخ) بل الشبع مثلا مخلوق لله، وأما الأكل مثلا فمخلوق للعبد (قوله ونحوهما) أي كالحرارة الناشئة عند احتكاك جسم بآخر (قوله وذلك) أي الاتفاق الواقع من أكثرهم (قوله في أوصافه) في بمعنى من (قوله إلى هنا) أي من أوّل المباحث المقصودة إلى هنا (قوله في حقه) أي لذاته أو في حكمه تعالى: أي حالة كون ما يجب معدودا في حكمه: أي في الأحكام الثابتة له تعالى (قوله وهو ضد ّ ذلك الواجب) الواو للتعليل: أي لأن المستحيل ضد ّ الواجب والأشياء تعرف بأضدادها (قوله على ما سبق) أي لا على ما نقل عن امام الحرمين والقاضي والأستاذ (قوله من الممكنات) الأولى من الكائنات لأن الممكنات أعم والذي وقع النزاع في أن القدرة الحادثة تؤثر فيه أو لا هو الكائن: أي الموجود بالفعل (قوله بمقدورها) أي الفعل المقارن لها (قوله بل نسبته) أي القدرة وذكر باعتبار أنها وصف، وقوله: إليها: أي الممكنات (قوله ولا يؤثر فيه) بيان لوجه الشبه (قوله إلا في محلها) أي إلا إذا كان مقدورها في محلها، وفيه أنه لا معنى لهذا الحصر لأن المقدور الحركات وهي لا تكون إلا في محلها، فالأولى أن يقول إلا أن مقدور القدرة إنما يكون في محلها بخلاف متعلق العلم فإنه قد يكون في غير محله وأفاد بهذا الاستدراك دفع ما يتوهم من التنظير بالعلم أن متعلق القدرة وهو مقدورها قد يكون في غير محلها كالعلم (قوله وما خرج عن محلها) أي كالضرب والقتل، وقوله: فلا نسبة بينه وبين القدرة لا تأثيرا ولا غيره: أي ولا كسبا ولما كان الخارج عن محل القدرة مسببا عن المكسوب وهو الحركات جاء التكليف به تنزيلا له منزلة سببه لأنه لما كان مخلوقا عند مكسوبه عادة جرى فيه التكليف والثواب والعقاب (قوله والمعتزلة) أي والقدرية منهم (قوله مخترع) أي موجد أفعاله بقدرته (قوله الذي هو في محلها) وهو الحركات (قوله ما هو خارج عن محلها) كالضرب والقتل والرمي (قوله إلا أن أحدهما) أي وهو السبب، وقوله: مباشرة: أي مقدور مباشرة، وقوله: بواسطة الخ: أي مقدور بواسطة الخ