لما لا يتناهى فان فرض نفي الواجب محال بخلاف الحادث، وكذلك الاستدلال بالجمع بين عدم النهاية والانقضاء لا يطرد هنا لوجوبها، وكذلك الاستدلال بأن كل واحد مسبوق بعدم نفسه، فالكل مسبوق بالعدم كل ذلك لا يمكن تقريره هنا. قال فالوجه في الرد الاعتماد على الوجه الثاني وهو الاجماع انتهى: فان قيل: كيف يستقيم القول بوحدة العلم مع أنه تعالى عالم بما سيكون وبالكائن، والعلم بما سيكون مغاير للعلم بالكائن، لأن العلم بما سيكون يستلزم عدم ذلك المعلوم والعلم بكونه يستلزم وجوده، فلو كان عينه لزم أن يكون أحدهما تعلق بالشيء على خلاف ما هو عليه. فالجواب أن البارئ تعالى في أزله يعلم وجود الشيء
قدماء لا أول لها، وذلك لأنه لو فرض من القدماء سلسلة من الآن للأزل، ثم سلسلة أقل ّ من الأولى بواحد مثلا من الطوفان للأزل، ثم طبقنا بينهما فلا يتأتى أن يقال: إن الزائد في السلسلة الأولى وهو الواحد مثلا قد قطع، وأخرج من الجملة الأخرى حين حصل به الزيادة في جملته، لأن القطع والاخراج له ينافي قدمه، وقوله: خروج بعضها: أي بعض الأفراد، وقوله: عن الجملة: أي عن جملتها، وذلك كخروج الأفراد التي من الآن للطوفان عن السلسلة التي اعتبرت من الطوفان للأزل، وقوله: ونسبة الجملتين: أي ونسبة احدى الجملتين للأخرى، وقوله الأقل والأكثر: أي القلة والكثرة (قوله لما لا يتناهى) أي وهما يتطرقان للمتناهى (قوله فان فرض الخ) علة لكونها لا تطرد الخ: أي فإن فرض قطع الواجب واخراجه من احدى السلسلتين محال لأنه أزلي لا أول له، والأولى اسقاط فرض لأن الأمر الفرضي التقديري ّ لا محالية فيه، وإنما يلزم المحال لو كان ذلك أمرا محققا في الخارج (قوله وكذلك الاستدلال) أي على استحالة وجود حوادث لا أوّل لها (قوله بالجمع) أي بلزوم الجمع (قوله والانقضاء) أي النهاية (قوله لوجوبها) أي القدماء فلا انقضاء لها (قوله بأن كل واحد) أي من تلك الحوادث التي لا أوّل لها، وقوله: مسبوق بعدم نفسه: أي وحينئذ فالكل مسبوق بالعدم فلم تعقل عدم الأولية لها فبطل وجود حوادث لا أوّل لها (قوله كل ذلك لا يمكن تقريره هنا) أي في وجود قدماء لا أول لها (قوله قال) أي ابن التلمساني (قوله وهو الاجماع) فيه أنه لم ينعقد قبل أبي سهل حتى يكون حجة عليه (قوله فان قيل الخ) من كلام ابن التلمساني، فالأولى تقديمه على قوله انتهى (قوله لأن العلم الخ) سند لقوله: والعلم بما سيكون الخ (قوله بكونه) أي بوجوده: أي الكائن (قوله يستلزم الخ) واذا اختلفت اللوازم اختلفت الملزومات (قوله فلو كان عينه الخ) أي فلو كان العلم بما سيكون عين العلم بالكائن لزم الخ، لأن التعبير بالكائن يقتضي أن المعلوم له تقرر في الخارج، فلو جعل عين العلم بما سيكون لاقتضى أنه متقرر، والتعبير بما سيكون يقتضي أن المعلوم لا وجود له في الخارج، فلو جعل عين العلم بالكائن لاقتضى أنه غير متقرّر، فيلزم أن العلم تعلق بالشيء على خلاف ما هو عليه، لكن التالي باطل فبطل المقدّم وهو أنه عينه وثبت التعدّد، ثم ان قوله فلو كان الخ يصلح أن يكون دليلا مستقلا لو ساقه بالواو (قوله أحدهما) الأولى إبداله بالعلم لأن قوله فلو كان عينه يقتضي وحدة العلم فلا يناسب لفظ أحدهما المقتضى لتعدده (قوله فالجواب الخ) حاصله أن التعبير بما سيكون وبالكائن لم ينظر فيه للعلم ولا لتعلقه، بل ينظر فيه لحال المعلوم من