في الحروف والأصوات فصح الاستدلال بها ولا يعترض بالبيت لما سب، وأيضا فادعاء هدم قاعدة شهيرة بين علماء اللسان بمجرد بيت شعر يحتمل أمورا لا يخفى ضعفه. والجواب عن الثاني منع أن النزاع انما هو في النسبة لا في المسند، وذلك أن المعتزلة موافقون على أن اسناد الكلام إلى الله تعالى حقيقة لا مجاز، وأنه هو الذي كلم موسى لا غيره، لكن تأوّلوا الكلام المسند اليه على معنى الخلق للكلام، فمعنى كلم عندهم خلق الكلام والمتكلم عندهم الخالق للكلام، ولا شك أن استعمال كلم بمعنى خلق الكلام مجاز فتوكيده بالمصدر يدفعه، وان زعم المعتزلة أن كلم بمعنى خلق هو الحقيقة وغيره مجاز كان النزاع بينهم لغويا، ويلزمهم أن لا متكلم حقيقة الا الله تعالى إذ لا خالق سواه، ومنعهم لذلك بمقتضى أصلهم الفاسد في تأثير القدرة الحادثة في مقدورها لا يسمع لفساده. وبالجملة فنحن لم نذكر هذه الآية إلا على سبيل التقوية لإثبات الكلام النفسي القديم بسماع موسى عليه السلام له والا فإنكار الكلام النفسي وحصره في الحروف والأصوات واضح البطلان عقلا ونقلا، وإذا ثبت الكلام النفسي ووجد في الكتاب والسنة اسناد الكلام اليه تعالى وجب اعتقاد ظاهره، وأن المراد كلامه القديم القائم بذاته والتعرض لإخراج اللفظ عن ظاهره الصحيح من غير موجب بدعة ومخالفة لإجماع الصحابة وتابعيهم بإحسان، ولا شك أن المتبادر إلى الذهن لغة
من الدليل وهذا غير موجود فيما نحن فيه إذ ما هنا منع للمطلوب فأراد بها ذلك: أي أن هذا الجواب لا يفيد المطلوب من الفرق بين الآية والبيت، ويدل لذلك قوله أو الخصم الخ (قوله فصح الاستدلال بها) أي بالآية على ثبوت الكلام لله تعالى على جهة التقوية للدليل القطعي ... (قوله ولا يعترض بالبيت) حاصله أن استدلال الأصحاب بالآية مبني على أن التأكيد يدفع المجاز فيرد على هذا البناء البيت السابق، وقوله: لما سبق: أي من أن البيت جاز على الاستعارة التبعية والاستعارة مطلقا مبنية على تناسي التشبيه، فصح التوكيد فيها فلا يعترض بالبيت لذلك (قوله وأيضا الخ) وجه ثان لنفي الاعتراض بالبيت والأوّل قوله لما سبق (قوله قاعدة) هي هنا كون التأكيد بالمصدر يدفع لمجاز وظاهره كان المجاز مرسلا أو بالاستعارة ... (قوله يحتمل أمورا) منها أن يكون على خلاف القياس أو لضرورة الوزن فلا يحتج به (قوله ليخفي ضعفه) خبر قوله فادعا الخ (قوله حقيقة) أي حقيقة عقلية لا مجاز عقلي (قوله وأنه هو الذي الخ) بيان لكون اسناد الكلام لله حقيقة فهو من عطف السبب (قوله إليه) أي الله ... (قوله فمعنى الخ) أي فمعناه التأويلي (قوله والمتكلم الخ) مستند للاستدراك فهو تعليل في المعنى (قوله فتوكيده الخ) أي فثبت تفسيره يحصل منه كلام وهو مدّعي أهل السنة (قوله كان النزاع بينهم لغويا) أي راجعا للغة فنحن نقول هذا التفسير غير لغوي وهم يقولون هو لغوي، وحينئذ فيحتاج إلى اثبات ذلك بالنقل مع أن تفسيرهم لم يثبت، وحينئذ فما قالوه ليس تفسيرا لغويا (قوله ومنعهم لذلك) أي للازم المذكور وهو أنه لا متكلم حقيقة إلا الله (قوله بمقتضى) الباء سببية أو بمعنى على (قوله في) بمعنى من بيان لأصلهم الفاسد (قوله وبالجملة الخ) لما جرى في الكلام ما يقتضي ضعف الاستدلال بالآية على ثبوت الكلام لله تعالى أجاب عنه بقوله وبالجملة الخ (قوله له) أي الله والجار والمجرور متعلق بإثبات (قوله وإلا الخ) أي وإلا نقل أن ذكر الآية للتقوية بل قلنا