وأما حمله على طلب الاعتقاد التقليدي، فهو دعاء بسلب المعرفة والعياذ بالله والانتقال إلى ما هو أدنى، وفي إيمان صاحبه من الخلاف ما علم، والدعاء بمثله لا يرضاه عاقل، ولو سلمنا أنه أراد العجائز المقلدات لوجب أن يحمل دعاؤه على طلب لازم اعتقادهنّ، وهو عدم خطور الشبهات بالبال مضمونا إلى كمال معرفته هو لتكون عقيدته إذ ذاك صافية عن كل ّ مكدر، وقد يحتمل أن يكون سبب دعائه بهذا ما علم من حاله من الولوع بحفظ آراء الفلاسفة، وأصحاب الأهواء وتكثير الشبه لهم، وتقوية ايرادها مع ضعفه عن تحقيق الجواب عن كثير منها على ما يظهر من تأليفه ولقد استرقوه في بعض العقائد، فخرج إلى قريب من شفيع أهوائهم، ولهذا يحذر الشيوخ من النظر في كثير من تآليفه. قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد المقري التلمساني رحمه الله ورضي عنه: من تحقق
أي بما ذكر من التأويل هل هو صواب أم لا (قوله وأما حمله) أي كلام الفخر، وجواب أما محذوف تقديره فلا يصح ّ، لأن القائم بالعجائز الإيمان التابع للمعرفة لا التقليد وإلا فلا يصح الدعاء به لأنه دعاء الخ (قوله على طلب الاعتقاد التقليدي) أي بحسب اللزوم، لأن صريح قوله اللهم إيمان العجائز طلب الإيمان التابع للاعتقاد التقليدي لا للمعرفة، ويلزمه طلب الاعتقاد التقليدي (قوله والعياذ بالله) بكسر العين: التحصين مبتدأ وخبره محذوف: أي والتحصين بالله من سلب المعرفة كائن بالله (قوله والانتقال) عطف على سلب (قوله وفي إيمان الخ) الواو للحال (قوله والدعاء) المناسب التفريع على ثبوت الخلاف (قوله بمثله) مثل زائدة (قوله عاقل) أي كامل العقل (قوله ولو سلمنا الخ) أي إن ما سبق مبني على أن العجائز عارفات غير مقلدات ولو سلمنا الخ (قوله على طلب لازم اعتقادهن) أي فكأنه قال: اللهم إيمانا خالصا من الشبه (قوله مضموما إلى كمال معرفته) وكمالها ناشئ عن الدليل التفصيلي، فأصل المعرفة يحصل بالدليل الاجمالي، والكمال يحصل بالدليل التفصيلي، فكأنه يقول: اللهم ارزقني إيمانا خالصا ناشئا عن أدلة تفصيلية (قوله لتكون عقيدته الخ) وهذا بيان للسبب الحامل على طلب اللازم المذكور (قوله إذ ذاك) أي وقت موته (قوله من الولوع) بيان لحاله (قوله آراء) أي معتقدات (قوله وأصحاب الأهواء) عطف عام (قوله وتكثير) عطف على حفظ، وكذا قوله وتقوية (قوله على ما يظهر الخ) متعلق بقوله الولوع (قوله من تأليفه) أي لا من مشاهدته لأن المصنف متأخر عنه (قوله ولقد استرقوه) أي سرق الفلاسفة الفخر وأدخلوه في عقائدهم، فقال: إن صفات الله حادثة بالذات بمعنى أن الذات أثرت فيها بطريق التعليل قديمة بالزمان: أي لا ابتداء لوجودها. وقالت الفلاسفة: الأفلاك حادثة بالذات لافتقارها لمؤثر أثر فيها بطريق العلة، قديمة بالزمان بمعنى أنها لا أوّل لوجودها لاستنادها لعة قديمة لا أوّل لها، والله تعالى قديم بالذات: أي لا يفتقر لمؤثر، وبالزمان: أي لا ابتداء لوجوده. لكن قولهم مكفر بخلاف قوله (قوله إلى قريب) هو قوله السابق (قوله من شفيع أهوائهم) هو قولهم في الأفلاك السابق (قوله ولهذا) أي لكون الفخر كان كثير الولوع بحفظ آراء الفلاسفة الخ (قوله قال الشيخ الخ) هذا دليل لما ذكره من تحذير الشيوخ عن النظر في كتبه (قوله المقري) بفتح القاف مشددة