فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 517

ووقف موقف الأبطال خيف عليه أن يهلكه العدو ّ لضعفه، ولهذا أيضا مال الفخر في موطن الموت لحرز الضعفاء ودعا به لأنه موطن يتشتت فيه الفكر لعظيم هوله، فيخشى إن قبلت فيه واردات الشبه أن يضعف العقل عن دفعها، وأقل ّ ما فيها تكدر العقل بظلمتها، والزمان والفكر ضاقا في ذلك الموطن الهائل عن حمل ذلك، فدعا بصفاء المعرفة والحفظ مما يكدرها كما هو شأن عجائز تلك الأزمنة وضعفهم لأنهم عرفوا العقائد بما لابد منه من أدلتها، ولم يبحثوا عن الزائد ولا انتصبوا لمناظرة أهل البدع، فصفت عقائدهم حتى ماتوا على ذلك. هذا مراده والله أعلم.

عن أهل الأهواء (قوله ووقف موقف الأبطال) فيه أن ضعيف النظر الذي لا يقدر على إقامة الأدلة كيف يتأنى وقوعه موقف الأبطال بحيث يرد ّعلى أهل البدع ويقاتلهم، فالمناسب حذفه (قوله ولهذا) أي لما تقدّم من أن عقائد العجائز أحسن العقائد الخ (قوله أيضا) أي كما أمر بعض السلف ضعيف النظر بدين العجائز والصبيان لهذا: أي لكون عقائدهم أحسن العقائد (قوله في موطن الموت) أي موضعه، وفي الكلام استعارة بالكناية، لأن الموت عرض لا موضع له فشبه بإنسان يحل في موضع وإثبات الموطن تخييل (قوله لحرز الضعفاء) متعلق بمال: أي لدين الضعفاء: أي العجائز، فالأولى أن يقول لحرز العجائز لأن الفخر إنما طلب إيمان العجائز ودعا به: أي حيث قال: اللهم إيمان العجائز (قوله لأنه موطن الخ) علة للمعلل مع علته: أي وإنما لما ذكر العلل بما تقدّم لأنه الخ (قوله لعظيم هواء) أي بسبب خروج الروح واتيان الفتانات، وهذا من إضافة الصفة للموصوف (قوله فيخشى) أي يظن (قوله أقبلت) أي أتت (قوله فيه) أي ما ذكر من مواطن الموت (قوله واردات الشبه) أي الشبه الواردة على القلب (قوله يضعف الخ) أي فيلجأ إلى اعتقاد مدلول تلك الشبه فيؤديه إلى الكفر أو المعصية (قوله وأقل ّالخ) أي إنه وإن لم يضعف عن دفعها لكن أقل ّ ما فيها تكدّر العقل الخ: أي أقل حالاتها: أي واردات الشبه (قوله بظلمتها) الباء للسببية (قوله والزمان الخ) جواب عما يقال تكدر العقل يدفعه الفكر واتساع الزمان (قوله ضاقا عن حمل ذلك) فالفكر ضاق عن حمل التكدر لعدم جولانه حينئذ، والزمان ضاق عن حمله لأنه لا يسعه حتى يزيله لأنه زمن الموت، والأولى ابدال حمل بدفع بأن يقول ضاقا عن دفع ذلك: أي التكدر لأن الكلام في الدفع (قوله فدعا بصفاء المعرفة والحفظ) أي لزوما، وإلا فهو قد دعا بصفاء الإيمان (قوله تلك الأزمنة) أي أزمنة السلف، لا أزمنة الفخر (قوله وضعفتهم) المراد بهم الصبيان، فالأولى وضعفتها أي الأزمنة (قوله من أدلتها) أي الاجمالية (قوله عن الزائد) هو الأدلة التفصيلية ورد ّ الشبه (قوله لمناظرة أهل البدع) أي بإقامة الأدلة التفصيلية ورد الشبه عليهم (قوله فصفت) أي عن الشبه (قوله على ذلك) أي الصفاء المفهوم من صفت عقائدهم (قوله هذا) أي ما ذكر من طلب الإيمان الصافي، وهو معرفة العقائد بالأدلة الاجمالية لا التقليد كما فهم ابن ذكرى (قوله مراده) أي الفخر الرازي وتعبيره بمراده يفيد أن ظاهر كلام الفخر طلب التقليد لا الإيمان الصافي وحينئذ فلا يصح قول الشارح السابق: إن كلام الفخر حجة على ابن ذكرى لا حجة له، لأن الكلام المؤول لا يكون حجة على الخصم. نعم يسقط الاستدلال به بسبب التأويل (قوله والله أعلم)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام