فهرس الكتاب
الصفحة 56 من 517

وأي ّ دين يبقى لعجوز أوصبي أو مقلد لولا بركة أولئك العلماء، وأي ّ جهاد يوازي جهاد هؤلاء وأي ّ رباط يماثل رباطهم وعكوفهم على استعمال العقول وتحبيسها مدّة الحياة على الجولان فيما يحفظ دين المسلمين، فمهما لاح لهم مختلس يريد شيئا من الدين قابلوه بشهاب من نيران البراهين، فردّوه خاسئا لم ينقلب إلا بأعظم فضيحة، وأين هذا الجهاد والرباط من جهاد السيوف ورباط الثغور الذي غايته حفظ نفس أو مال لا بد في الدنيا من فراقهما، وهذا حفظ دين لو ذهب لهلك الناس في عذاب جهنم أبد الأبدين. وقد روى أن الأستاذ أبا اسحاق الاسفرايني رضي الله عنه صعد في زمن

يتمكنون، وما مصدرية يؤول ما بعدها بمصدر، وهو المبتدأ خبره محذوف كجواب لولا: والتقدير لولا نهوض رجال الله: أي إسراعهم ثابت لتمكنوا بالفعل من سوق الناس إلى أغراضهم الفاسدة وقوله: رجال الله: أي الرجال المنسوبون له، لكونهم على دينه: كالأشعري والماتريدي وإمام الحرمين، وقوله: الراسخين: أي الثابتين في العلم وهم القائمون مقام الأنبياء (قوله واي ّ دين) استفهام إنكاري بمعنى النفي (قوله أو مقلد) فيه أنه يفيد أن المقلد له دين مع أنه بصدد إثبات كفره كما هو مذهبه، فهذا يعكر عليه (قوله لولا بركة الخ) أي لولا بركة أولئك العلماء موجودة لم يبق دين لعجوز الخ (قوله وعكوفهم) عطف مرادف (قوله على استعمال الخ) تنازعه رباط وعكوف. لكن التعدية بعلى تناسب العكوف إذ الرباط يتعدّى بفي، وقوله: العقول: أي عقولهم (قوله على الجولان) أي الانتقال من محل إلى آخر، كانتقال العقل من دليل إلى آخر والجار والمجرور متعلق بتحبيس بمعنى حبس ووقوف (قوله فيما) أي الأدلة التي تحفظ (قوله يريد شيئا) أي من الدين لأجل اختلاسه (قوله قابلوه) أي المختلس، وقوله: بشهاب: أي شعلة، شبه المختلس بشيطان تشبيها مضمرا في النفس على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات الشهاب تخييل والشهاب مستعار من ملائم المشبه به الذي هو الشيطان لملائم المشبه: أعني المختلس وملائمه هو البرهان (قوله من نيران البراهين) أي من البراهين الشبيهة بالنيران (قوله فردوه خاسئا) أي مطرودا مفرع على قوله: قابلوه بشهاب (قوله وأين هذا الجهاد الخ) أي لا قرب بينهما وإنما بينهما بون بعيد، فأفاد بهذا أنه لا قرب بين الجهادين ولا بين الرباطين بخلاف قولنا سابقا: وأي ّ جهاد يوازي الخ فإنه إنما نفي المساواة، ولما كان يتوهم أن ّ بينهما قربا دفعة بقوله: وأين الخ (قوله الثغور) جمع ثغر بتسكين الغين، وقد تحرك وهو موضع المخالفة من فروع البلدان (قوله الذي غايته) المناسب اللذان غايتهما بالتثنية إذا المتقدّم شيئان جهاد ورباط إلا أن يقال أفرد باعتبار ما ذكر (قوله حفظ نفس أو مال) وأما إعلاء كلمة الله فلا يتوقف في نفس الأمر على جهاد ولا رباط فلم يبق إلا إعلاؤها ظاهرا وإعلاؤها كذلك بعلو ّ من قال بها بحفظ نفسه وماله (قوله لهلك الناس الخ) المراد بالهلاك العذاب المستمر، وقوله: أبد الآبدين: أي زمن الآبدين، وهو الدهر الطويل الذي لا غاية له، والمعنى لاستمر الناس في عذاب جهنم الدهر الطويل الذي لا غاية له، وهذا باعتبار العقائد (قوله وقد روى الخ) مرتبط بقوله سابقا: لولا ما نهض لهم رجال الله الخ بين به بعض آحاد هؤلاء الرجال، فهو تعليل لثبوت نهوضهم (قوله الاسفرايني) نسبة لاسفراين بفتح الفاء ومثناة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام