فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 517

هيجان المبتدعة إلى جبل لبنان، وهو متعبد لأولياء الله تعالى وخلوة لهم عن الناس، فوجدهم هنالك يتعبدون فقال لهم يا أكلة الحشيش هو بتم إلى هذا الموضع تتعبدون وتركتم أمة النبي صلى الله عليه وسلم في أيدي المبتدعة، فقالوا له: يا أيها الأستاذ لا قدرة لنا على مخالطة الخلق، وأنت الذي أقدرك الله على ذلك، فأنت أهله، فرجع رضي الله عنه واشتغل بالرد ّ على المبتدعة وألف كتابه [الجامع بين الجلي والخفي] . وروى أن الأستاذ أبا بكر بن فورك لما قرأ من العلوم ما قدّر له اعتزل عن الناس للعبادة فسمع هاتفا يقول: الآن إذ صرت حجة من حجيج الله تعالى على خلقه صرت تهرب من الخلق فرجع إلى التعليم. فإن قلت: إذا كان مراد عمر بن عبد العزيز، ومن ذكر معه ما تأوّلت عنهم، فما بال اللفظ عدل به عن صريح المراد، وذلك أن يقال في جواب السائل مثلا عليك بما كان عليه الصحابة والسلف الصالح إلى أن قال:

تحتية بعد الألف ولا همزة فيه بلدة العراق (قوله هيجان) أي انتشار (قوله جبل لبنان) بضم اللام وسكون الباء ممنوع من الصرف، وهو بالشام ولا مانع من كون الشيخ أبي اسحاق سافر من العراق للشام للتعبد به (قوله فوجدهم) أي وجد الأولياء الذين كانوا أولا منشغلين بمعاناة العلم (قوله يا أكلة الحشيش) أي عشب الجبال، وهذا توبيخ لهم (قوله لا قدرة لنا الخ) فهم لا صبر لهم على الرد على المبتدعة، وإن كان فيهم أهلية لذلك (قوله على ذلك) أي مخالطة الخلق بحيث ترد شبه المبتدعة (قوله أهله) أي الاختلاط (قوله فرجع الخ) فهذا عالم حفظ الله به الدين، فلو كان التقليد أرجح اتبعه الناس ولم يوجد من يرد على المبتدعة (قوله الجامع الخ) يحتمل أنه اسم للكتاب الذي ألفه في الرد ّ على المبتدعة، وقوله: بين الجلي والخفي أي من المعاني (قوله وروى الخ) هذا بيان أيضا لبعض العلماء الذين تصدّوا للرد ّ على المبتدعة (قوله هاتفا) هو الذي يسمع صوته ولا يرى شخصه، يحتمل أنه إنسي ّ من الأولياء أو ملك أو جني صالح (قوله الآن) ظرف لقوله الآتي صرت، وقوله: إذ بدل منه مرادا بها مجرد الزمان (قوله من حجج الله) أي من الذين يحتج الله بهم على عبادة إذا قالوا لم يكن في زمننا نبي ّ، فيقول الله لهم: قد كان في زمنكم خلفاؤهم وهم العلماء (قوله تهرب) من باب نصر: أي مع أنه لا ينبغي لك الهروب، بل وربما كان حراما (قوله ومن ذكر معه) أي من بعض السلف القائل عليكم بدين العجائز. وأما الفخر القائل: اللهم إيمانا كإيمان العجائز، فإنه وإن ذكر معه لكن لم يذكر تأويله فيما مضى بل سيأتي في قول الشارح: ولهذا أيضا مال الفخر الخ (قوله ما تأولت عنهم الخ) فيه أنه حيث كان ما قاله الشارح تأويلا: أي صرفا للفظ عن ظاهره فليكن المتبادر من عباراتهم طلب التقليد، وحينئذ فلا يظهر ما قاله سابقا من اعتراضه على ابن ذكرى من أن ما استدل به حجة عليه لا له، لأن التأويل لا يكون حجة على الغير وإن سقط به الاستدلال فكلام الشارح هنا يناقض كلامه السابق، وقوله: ما تأولت بفتح التاء: أي من أن المراد طلب الدين الخالص (قوله وذلك) أي صريح المراد (قوله مثلا) راجع لقوله: أن يقال (قوله والسلف الصالح) عطف عام (قوله إلى أن قال) منطق بعدل: أي عدل إلى قوله: عليكم الخ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام