فهرس الكتاب
الصفحة 52 من 517

المعتزلة من تقييد إرادة الله جل ّ وعلا بالطاعة، وأن الكافر والعاصي لم يردهما الله تعالى، وإنما العباد أوقعوا مالم يرده الله جل ّ وعلا، ومعلوم أن هذه ضلالة لا مستند لها، وإنما الذي اشتهر في زمن السلف الصالح، وتلقاه منهم الخلف، ولهج به الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر ّ والعبد والحاضر والبادي حتى صار كأنه معلوم من دين أئمة المسلمين ضرورة يلهج به من عرف معناه ومن لم يعرف: وقوع الكائنات كلها بإرادة الله تعالى، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن حتى أن جهلة العصاة يعتذرون عن معاصيهم بإرادة الله تعالى ذلك منهم، ولو أراد الله بهم خيرا لما عصوا، ونحو هذا ما أنكره المعتزلة من جواز العفو عمن مات مصرا على المعاصي وانكار الشفاعة له، وإنكار خلق الجنة والنار ومثل هذا كثير في العقائد، ويدل قطعا على هذا التأويل الذي ذكرناه إتيان عمر بن عبد العزيز بمثل هذا وجوبا للسائل عن الأهواء، فكأنه قال له عليك في الدين بما كان عليه السلف الصالح، وتلقاه منهم الخلف ودع ما يناقض ذلك مما أحدثه المبتدعة بل نقول هذه الألفاظ التي اغتر ّ بها من مال إلى التقليد

(قوله المعتزلة) فرقة من القدرية (قوله من تقييد إرادة الله الخ) أي كونه مريدا فلا بد ّ من التأويل بذلك لأنهم يثبتون ذلك دون الإرادة لإنكارهم صفات المعاني (قوله أن هذه) أي المقالة وهي أن الكفر والمعاصي الخ (قوله لا مستند لها) أي في الشرع، وإنما مستندهم أن الأمر هو الارادة: أي عين كونه مريدا وهذا باطل (قوله ولهج به الصغير) بكسر الهاء كفرح: أي نطق به نطقا متكررا متولعا به (قوله حتى صار كأنه الخ) محط الكأنية قوله: ضرورة (قوله من عرف معناه) أي تصوّره وأدركه عن دليل (قوله ومن لم يعرف) أي بالدليل (قوله وقوع الكائنات) خبر عن قوله الذي اشتهر (قوله وأن الخ) عطف على وقوع (قوله حتى إن جهلة العصاة الخ) وصفهم بالجهل مع أن اعتذارهم حق لأنهم قصدوا إثبات الحجة لأنفسهم ولا حجة للعبد على الله، ولأن مقتضى الشرع نسبة المعصية للنفس والتوبة منها (قوله ونحو هذا) أي ما أحدثته المعتزلة من القول بعدم إرادة الله للمعاصي والكفر (قوله وإنكار الخ) بالرفع عطف على ما في قوله ما أنكره، والضمير في له لمن مات مصرا (قوله وإنكار خلق الجنة والنار) أي الآن فلا ينافي أنهم يقولون بوجودهما في المستقبل (قوله ومثل هذا) أي المحدث المذكور (قوله كثير) منه قول المعتزلة إن العبد يخلق أفعال نفسه (قوله ويدل قطعا الخ) فيه نظر لأن ما قاله عمر بن عبد العزيز من جملة ما استدل به القائل بصحة التقليد وأرجحيته على النظر فهو محتاج للتأويل أيضا فكيف يدل قطعا على التأويل بل في كلام بعض السلف مع أنه محتاج للتأويل أيضا. وأجيب بأنه وإن كان محتاجا للتأويل في حد ّ ذاته لكن إتيان عمر به جوابا للسؤال عن أهل الأهواء دل ّ على ما قاله الشارح وإن تمسك به المخالف (قوله بمثل هذا) أي بمثل قول بعض السلف عليكم بدين العجائز، والمراد المماثلة من حيث المعنى لا اللفظ لأن

عمر قال عليكم بدين الصبي والأعرابي، ولم يقل عليكم بدين العجائز (قوله فكأنه قال الخ) فهو آمر بما تمسك به السلف على وجه النظر لا على وجه التقليد (قوله بل نقول الخ) اضراب انتقالي وفيه أن ما قبل بل من أن المراد الأمر بالتمسك بما عليه السلف لا الأمر بالتقليد يستفاد منه أن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام