فهرس الكتاب
الصفحة 53 من 517

وحذر من النظر في التوحيد هي في الحقيقة حجة عليه لا له، لأن علماء السنة رضي الله عنهم إنما ألفوا في علم التوحيد ليبينوا للناس ما كان عليه السلف الصالح، وصار لشهرته ووضوحه قيل ظهورالبدع دينا لعجائزهم وإمائهم وأهل بدوهم وصبيان كتابهم، وزادوا بأن حصنوه بالبراهين العقلية التي تنتهي إلى ضرورة العقل بحيث يخرج من أنكرها من ديوان العقلاء، وبالأدلة النقلية القطعية فيما تقبل فيه منهم رضى الله عنهم، فهم جعلوا على حرز دين الإسلام أسوارا لما قدمت جيوش المبتدعة التي لا تحصى كثرة تريد استلاب ذلك الدين وابداله بجهالات

هذه الألفاظ حجة عليه لأنه لا له فما قبلها عين ما بعدها وهذا لا يصح. ويجلب بأن قوله بل نقول: أي صراحة بخلاف ما قبل بل فإنه يعلم منه ضمنا أنه حجة عليه (قوله وحذر من النظر) لأنه يرى أنه مرجوح (قوله هي في الحقيقة الخ) مقول القول، قوله: حجة عليه: أي بعد التأويل الذي قلناه وإلا فهي بحسب ظاهرها حجة له (قوله لأن علماء السنة الخ) فيه أن هذا ينتج أنه حجة له لا عليه حيث قال وزادوا الخ فإنه يقتضي أنه كان قبل أن يحصنوه خاليا من البراهين فيكون تقليدا فمقتضاه أن السلف كانوا يعتقدونه على وجه التقليد وحينئذ فهو حجة للقائل بصحة التقليد لا حجة عليه كما قلنا أوّلا. ويجاب بأن المراد بدين العجائز الخ الذي كان عليه السلف الصالح الدين الخالص، والمعرفة الصافية من الشبه أي الاعتقاد الجازم عن الدليل إجمالي مركوز في نفوسهم والذي زاده النظار إنما هي براهين تفصيلية على طريق المناطقة صونا لها عن الشبه وحينئذ فالمأمور به المعرفة لا التقليد فصار هذا المستدل يستدل على الاكتفاء بالتقليد وعدم وجوب المعرفة بالأمر بالمعرفة ولا يخفى أن الأمر بالمعرفة حجة عليه لا له (قوله صنوه) أي ما عليه السلف (قوله العقلية) وصف كاشف (قوله إلى ضرورة) أي مقدّمات ضرورية: أي يحكم العقل بضروريتها (قوله بحيث يخرج الخ) أي لانتهائها للضرورة، وهذه الحقيقة لازمة لما قبلها وحيث خرج عن ديوان العقلاء فلا يلتفت لدعواه (قوله ديوان العقلاء) الديوان الدفتر الذي تضبط فيه الأشياء فشبه العقلاء بتلك الأشياء وإثبات الديوان تخييل، فالعقلاء كأنهم مكتوبون في دفتر ومن أنكر تلك البراهين محي من ذلك الدفتر لكونه صار غير عاقل (قوله فيما الخ) أي في العقائد التي تقبل الأدلة فيها، فالصلة جرت على غير من هي له فكان عليه الإبراز بأن يقول هي، والعقائد المذكورة هي السمع والبصر والكلام ومعنوياتها وأحوال الآخرة (قوله فهم جعلوا الخ) إضافة حرز بيانية وهو بمعنى محروز، وقوله: أسوارا: أي أدلة فقيه استعارة مصرحة، والجامع الصون من الخلل، وحينئذ فقوله فهم جعلوا الخ راجع في المعنى لقوله بأن حصنوه الخ، فلو حذفه لكان أحسن لخلو ّ الكلام من التكرار ويكون قوله لما قدمت الخ ظرفا لحصنوه (قوله دين الإسلام) أي دين أهله، والمراد بالدين النسب التامّة الاعتقادية، والمراد بالإسلام الانقياد (قوله لما) أي حين، وقوله: قدمت: أي ظهرت (قوله جيوش المبتدعة) أي الجماعات الكثيرة منهم (قوله كثرة) أي لكثرة أفرادها أو من جهة كثرتها فهو نصب على نزع الخافض أو تمييز (قوله استلاب) أي اختطاف (قوله وإبداله بجهالات) تفسير لقوله استلاب الخ، والمراد بالجهالات المعتقدات الفاسدة كإبدال الله يرى بقولهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام