على أنه يمكن تدوينه على وجه يتأتى حفظه بعد موته. هذا إن قلنا بأن تكليف مالا يطاق غير سائغ، وأما إن سوغناه فالأمر في ذلك واضح، وبالله التوفيق.
(ص) وبقوله غير مكذب مما إذا قال: آية صدقي أن ينطق الله يدي فنطقت بتكذيبه، وفي تكذيب الميت المتحدّى بإحيائه قولان للقاضي وامام الحرمين، واختار بعض المتأخرين عدم القدح في تكذيب اليد وشبهها لعدم التحدّي بتصديقها.
(ش) مذهب القاضي في تكذيب الميت الذي يتحدّى بإحيائه أنه قادح. لكن بشرط لا تطول مدّته في عوده إلى الحياة بل يموت عقب تكذيبه، ومذهب الإمام أن ذلك غير قادح
لو كان اللازم على تأخير المعجزة لما بعد الموت عدم تلقي الأحكام عنه تحقيقا وهذا غير لازم للتأخير المذكور، بل اللازم له إنما هو استبعاد تلقيهم عنه واستبعاد تلقيهم عنه يجامع جواز تلقيهم، وحينئذ فلا تضيع فائدة البعثة هذا والعجب من المصنف كيف استظهر في المتن مذهب القاضي واستدّل له بهذا الدليل، وقد ذكر بطلانه في الشارح ولم يذكر وجها لصحة هذا الدليل ولا جوابا عن هذا الرد ّ، وكان حقا عليه حيث استظهر مذهب القاضي أن يوجهه (قوله على أنه يمكن الخ) أي سلمنا أن تأخر المعجزة لما بعد الموت يمنع من تلقيهم عنه الأحكام وقبولها والعمل بمقتضاها تحقيقا فنقول لا نسلم ضياع فائدة الرسالة لأنه يمكن تدوين شرعه في حال حياته على وجه يكون فيه حفظه لما بعد الموت من غير عمل به، فاذا ظهرت المعجزة بعد الموت عمل بذلك الشرع المدون (قوله هذا) أي رد ّ الاحتجاج المذكور (قوله إن قلنا الخ) بيان التكليف بما لا يطاق في المقام هو أن الرسول إذا قال آية صدقي كذا وهو يحصل بعد موتي وبلغهم الأحكام ولم يحفوها لعدم الباعث العادي على قبولها منه فاذا مات وظهر الخارق وثبت أنه رسول كان ذلك مقتضيا للتكليف بما جاء به من الأحكام التي سبقت ولم تكن محفوظة، فإن قلنا بجواز التكليف بما لا يطاق فلا مانع من التكليف بها، وإن قلنا بعدم الجواز فيلزم على تأخير المعجزة ضياع فائدة البعثة ويرد ّ بما ذكره الشارح (قوله بأن تكليف مالا يطاق) الأولى التكليف بما لا يطاق لأنه محل الخلاف، وأما تكليف مالا يطاق وهو التكليف المستحيل فلا خلاف في منعه (قوله مما إذا قال الخ) أي من نحو ما إذا قال الخ ليشمل سائر الجمادات لأنه كما يتحدّى بما ذكر من نطق اليد كذلك قد يتحدّى بنحو نطق الحجر (قوله وفي تكذيب الميت) من اضافة المصدر لفاعله لأن الميت هو المكذب فاتفق القولان على أن نطق اليد قادح والخلاف في الميت (قوله للقاضي وامام الحرمين) متعلق بمحذوف صفة لقولان: أي كائنان للقاضي وامام الحرمين على اللف والنشر المرتب، فالأول وهو كون تكذيب الميت المتحدى بإحيائه قادحا للقاضي، والثاني وهو عدم كون تكذيبه قادحا المفهوم من قوله: قولان لإمام الحرمين فهذه الصورة ليست محترزا عنها على مذهبه (قوله أيضا(1 ) ) أي كما اختار امام الحرمين عدم القدح بتكذيب الميت (قوله لعدم التحدي بتصديقها) أي لأن التحدي إنما هو بنطقها وقد حصل (قوله في عوده) أي في حال عوده (قوله بل يموت عقب تكذيبه) أي فهذا يكون تكذيبه قادحا عند القاضي لأنه لم يحي على هذا إلا للتكذيب، وأما لو طالت حياته فلا
(1) قوله: أيضا هذه الكلمة ليست بنسخ الشرح التي بأيدينا اهـ مصححه