فهرس الكتاب
الصفحة 450 من 517

ورد ّ بأنه تبين بعد موته أنه كان مخاطبا بتبليغ ما بلغه ولا يضر ّ امتناع تعلق الخطاب عنه وجود الآية فإنها تدل ّ على ما سبق من دعواه، وقد جوّزنا تأخير الآية إلى زمن مضروب في حال الحياة فيتجه أن تتأخر إلى أجل مضروب بعد الوفاة، فيستبين بذلك صدقه في الدعوى السابقة، وربما احتج القاضي بأن القول بذلك يؤدي إلى ابطال الكرامة، إذ ما من كرامة إلا ويجوز على هذا أن تكون معجزة لنبي تأخرت بعد الوفاة. وأجيب بأن غايته بطلان كون الكرامة دليلا قطعيا على ولاية من ظهرت على يده لتطرق هذا الاحتمال فيها، ولا ريب أن نقول بموجبه، فإن دلالة الكرامة على الولاية ليست قطعية، ولو أمنا فيها من هذا الاحتمال الذي ذكر لاحتمال كونها استدراجا، ويكون من ظهرت على يده من أهل عداوة الله تعالى، وممن سبق القضاء بأنه لا يختم له بالسعادة، ولهذا كان الأوّلون لا يثقون بها بل لا يزدادون معها إلا خوفا، واحتج أيضا القاضي بما أشرنا إليه في أصل العقيدة من أن تأخير ما يدل ّ على الرسالة إلى الوفاة قد تضيع معه فائدة البعثة وهي العلم بأحكام الله تعالى لعدم وجود الباعث لهم عادة على حفظ ذلك عنه، وهو مردود لأن قصاراه استبعاد وجود الحفظ منهم لشرعه، فلا يصح أن يكون دليلا على عدم الجواز

بالنبي ويمتنع تعلق الخطاب به بعد موته ومصدوق الآية في المقام المعجزة (قوله ورد ّ) أي ذلك الاحتجاج، وحاصل الرد ّ أن الدليل وإن كان يؤتى به لتحقيق المدلول لكن ليس بلازم مقارنته له لجواز تأخر الدليل عن المدلول لثمرة وهي بيان صحة ما كان حاصلا قبل الموت من دعواه بأنه: أي الحال والشأن (قوله انه) أي الرسول (قوله على ما سبق) أي على صحته (قوله مضروب) أي معين وهذا فرض مثال إذ من جوّز تأخيرها بعد الموت لا فرق عنده بين أن تتأخر لأجل معين أم لا (قوله صدقه) أي الرسول (قوله السابقة) أي على الموت (قوله بذلك) أي تأخير المعجزة لما بعد الموت (قوله يؤدي إلى إبطال الكرامة) أي وكل ما أدّى إلى إبطال الكرامة باطل ينتج القول بتأخير المعجزة بعد الموت باطل، وقوله: إذ ما الخ بيان للصغرى ودليل الكبرى الاجماع على وقوع الكرامات من الأولياء (قوله بأن غايته) أي الاحتجاج المذكور (قوله بموجبه) بفتح الجيم: أي بما أوجبه هذا القول من بطلان كون الكرامة دليلا قطعيا على ولاية من ظهرت على يديه (قوله فإن دلالة الكرامة) أي الحقيقية التي لا احتمال فيها (قوله لاحتمال كونها استدراجا) أي في نفس الأمر بأن كان ذلك الصالح الذي ظهر الخارق على يديه سبق القضاء بأن لا يختم له بالسعادة، فذلك الخارق في الظاهر كرامة وفي نفس الأمر استدراج (قوله ولهذا) أي لأجل كون الكرامة يحتمل أن تكون استدراجا (قوله كان الأوّلون) أي وهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين (قوله واحتج أيضا للقاضي) هكذا في بعض النسخ وهو المناسب لأن الاحتجاجات السابقة احتج بها غيره له، وفي بعض النسخ واحتج أيضا القاضي بالبناء للفاعل وذلك يوهم أن القاضي جرى على ما ذكر من الاحتجاج، وليس كذلك (قوله قد تضيع الخ) قد للتحقيق (قوله لأن قصاراه) أي غاية ما يفيده هذا الدليل (قوله فلا يصح أن يكون دليلا على عدم الجواز) أي على عدم جواز تلقيهم الأحكام عنه الذي تضيع معه فائدة البعثة. والحاصل أن فائدة البعثة وهي العلم بأحكام الله إنما تضيع

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام