مطلقا وحجته أن التحدي وقع بالإحياء وقد حصل، وهذا حي كفر والفرق عنده بين تكذيب الميت وتكذيب اليد والجماد ونحوهما أن نفس النطق في اليد والجماد مكذب وهو نفس الآية، والنطق في إحياء الميت هو المكذب وليس هو المدّعى آية، فافترقا من جهة أن المكذب هو المدّعى آية الصدق في إحدى الصورتين، وليس المكذب في الأخرى هو المدعى آية. ورأى بعض المتأخرين وهو ابن دهاق في شرح الارشاد أن تكذيب اليد ونحوها لا يقدح أيضا لما أشرنا إليه في الأصل من أن التحدّي إنما وقع فيه أيضا بمجرد النطق، وقد وقع والتصديق لم يقع التحدّي به حتى يضر تخلفه. قال المقترح: والتحقيق في هذه المسئلة مبني على البحث في وجه دلالة أدلة المعجزة، وأنها لا تدل دلالة المعقول، وإنما هي مرتبطة عند اجتماع شرائطها بالصدق ضرورة، فاذا تمهد ذلك قلنا في المسئلة ليراجع العاقل نفسه أن ما يجده منزول هذا الفعل من الله منزلة قوله لمدعي النبوّة صدقت هل يجده ضرورة ضد كون الآية الخارقة مكذبة أم لا، فاذا لم يجده علم أن
يكون تكذيبه قادحا لأنه لما طالت حياته علم أن إحياءه ليس لأجل التكذيب وأنه من جملة الأحياء الكافرين فلا يضر تكذيبه (قوله مطلقا) أي سواء طالت مدّة حياته أم لا (قوله وهذا حي ّ كفر) أي بالتكذيب ولو فرض أنه مات أوّلا على الاسلام (قوله والفرق عنده) أي عند امام الحرمين، وهذا جواب عما يقال بماذا يفرق الامام حيث حكم بعدم القدح في الميت وبالقدح في اليد ونحوها، وخص ّ الفرق بامام الحرمين لأن تكذيب الميت عنده غير قادح في جميع الحالات وعند القاضي غير قادح إذا طالت حياته (قوله وليس الخ) بل المدّعي آية هو الاحياء (قوله فيه) أي المذكور من صورة اليد ونحوها (قوله بمجرّد النطق) أي بذات النطق بقطع النظر عن كونه مكذبا أو مصدقا (قوله لا يقدح أيضا) أي كما لا يقدح تكذيب الميت (قوله قال المقترح الخ) هذا ترشيح للقول بأن نطق اليد بالتكذيب قادح (قوله في هذه المسئلة) أي مسئلة نطق اليد بالتكذيب (قوله وأنها لا تدل دلالة المعقول) أي لا تدل دلالة الأدلة العقلية المفتقرة إلى مقدمات ونتيجة، بل تدل ضرورة، وأشار بهذا الكلام إلى أن دلالة المعجزة على صدق الرسول غير عقلية بل عادية ضرورية (قوله ضرورة) معمول لمرتبطة: أي وإنما هي مرتبطة بالصدق ارتباط الدال بالمدلول ارتباطا ضروريا: أي وإنما هي دالة على الصدق دلالة ضرورية إذا وجدت شرائطها (قوله فاذا تمهد ذلك) أي وهو أن الحق أن دلالة المعجزة على الصدق عادية (قوله في المسئلة) أي مسئلة النزاع، وهي مسئلة اليد، وحاصله أنه إذ كانت دلالة المعجزة عادية كما هو الحق فلنرجع لمسئلتنا وهي أن النبي إذا قال آية صدقي نطق هذه اليد فنطقت بأنه كذاب فيراجع العاقل نفسه هل العلم الضروري بالصدق الحاصل عند وجود الخارق المنزل منزلة قول الله لمدعي الرسالة صدقت يحصل عند كون الآية الخارقة مكذبة أو لا يحصل، فاذا لم يحصل ذلك العلم الضروري تعين أن المعجزة المستلزمة للصدق لم تحصل، وإذا حصل ذلك العلم كانت المعجزة حاصلة والحق أن دلالة المعجزة عادية وعند نطق اليد بالتكذيب لا يحصل العلم الضروري بالتصديق عادة، وحينئذ فيكون قادحا خلافا لابن دهاق (قوله أن ما يجده الخ) أي في أن ما يجده الخ فهو على إسقاط الخافض، والمراد بهذا