فإن الخارق فيه إنما يظهر على أيدي الكفرة والفساق، وحد ّ بعضهم الكرامة فقال هي عبارة عن ظهور خارق للعادة على يد عبد ظاهر الصلاح ليس بنبي في الحال ولا في المآل، فخرج بقوله على يد عبد ظاهر الصلاح السحر والاستدراج، وهو خلق الخارق على يد الأشقياء: كالدجال وفرعون والجهلة الضالين المضلين، وبقوله ليس بنبي خرجت المعجزة، وبقوله لا في الحال ولا في المآل خرج الإرهاص، وهو عبارة عن العلامات الدالة على بعثة نبي قبل بعثه كالنور الذي كان ظهر في جبين عبد المطلب مأخوذ من الرهص بكسر الراء وهو أساس الحائط، فأطلق على هذه العلامات الإرهاص لأنها تأسيس لقاعدة النبوة (قوله: كدعوى الولاية) يعني على القول بجواز ادّعائها وفيه خلاف.
(ص) وبقوله متحدّي به قبل وقوعه: أي يقول آية صدقي كذا مما وقع
أي صالح شرعا صلاحا ظاهرا لإخفاء فيه: أي بأن يكون ظهوره مع تكرر يفيد عادة أنه ليس باستعمال وتصنع (قوله فإن الخارق فيه) أي المتحقق فيه من تحقق العام في الخاص أو الكلي في جزئيه، وقد جرى الشارح على أن السحر من باب الخارق لا المعتاد (قوله هي عبارة الخ) أي لفظ معبر به عن ظهور الخ، وفيه أن الكلام في حد ّ الكرامة وبيان ماهيتها وذلك غير اللفظ المعبر به، فالأولى حذف لفظ عبارة ويقول هي ظهور خارق للعادة: أي الخارق للعادة الظاهر الخ (قوله السحر والاستدراج) أي والمعونة والإهانة، والمعونة ظهور الخارق على أيدي العوام المستورين الحال، وأما الإهانة فهي الخوارق التي تظهر على يد من كان دينه غير مستقيم على خلاف مقصوده، وذلك كما روى أن مسيلمة تفل في بئر ليعذب ماؤها فصار أجاجا (قوله وبقوله) أي واحترز بقوله (قوله الدالة على بعثة نبي قبل بعثه) أي أعم من أن يكون بعد ولادته كاظلال الغمامة له وسجود الأشجار له قبل بعثته صلى الله عليه وسلم أو قبل ولادته كالنور الذي كان يظهر في جبين عبد المطلب لأن القبلية ظرف متسع (قوله لقاعدة النبوّة) الإضافة بيانية (قوله وفيه خلاف) أي في ادعائها خلاف بالجواز والمنع. واعلم أن الخلاف المذكور فرع عن العلم بها. والحاصل أنه وقع خلاف هل يجوز أن يعلم الولي أنه ولي أولا وإذا علم ذلك فهل يجوز أن يدّعي أنه ولي أولا والصحيح عند المقترح أنه يجوز ادعاؤها ويعلم الولي ّ أنه ولي ّ بخلق علم ضروري له بذلك، وأي ّ مانع من هذا؟ فحينئذ يتحدّى بها ويقول أنا ولي ّ الله وآية ولايتي أن أطير في الهواء مثلا وتفترق المعجزة من الكرامة بدعوى الرسالة فقط على الصحيح، وأما على القول بمنع ادعائها فالافتراق بمطلق الدعوى، هذا والمصنف لم يتعرض في هذا المقام لذكر شروط الولي مع أنه سبق له الوعد بذلك أوّل الكتاب عند شرح قوله فلا يغتر ّ المقلد الخ. ولنذكر لك بيان حقيقته المتضمنة لذكر شروطه المناسبة للمقام فنقول: هو العارف بالله تعالى وصفاته بحسب الإمكان المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصي المعرض عن الانهماك في الشهوات واللذات (قوله أي يقول الخ) تفسير للتحدّي المفهوم من قوله المتحدّي به. وأما المتحدّي به فهو المتقوّى به لدلالته على صدقه (قوله مما وقع) أي بعد دعوى الرسالة: أي واحترز بقوله متحدّى به مما وقع الخ، فقوله: مما وقع متعلق بقوله: احترز