فهرس الكتاب
الصفحة 445 من 517

قد يكون من غير جنس مقدور العبد ومراده، ومن الأئمة من فرق بينهما بأن كل ّ ما وقع من الخوارق معجزة لنبي لا يقع كرامة لولي: كإحياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص وقلب العصا حية وفلق البحر أطوادا، والأستاذ يصرّح بمنع هذا ومنع غيره من الخوارق على يد الأولياء، وإنما يجوّز ما يجري مجرى إجابة الدعوى: كوجود ما في البرية وغير ذلك مما يكرم الله تعالى به عباده ولا يبلغ خوارق العادات، وهؤلاء يزعمون أن قول النبي لا يأتي أحد بمثل ما أتيت به يمنع من وقوع شيء من معجزات الأنبياء على أيدي الأولياء لئلا يؤدي إلى تكذيب من ثبت صدقه، وهذا مندفع بأن تحدّي النبي مقيد بأنه لا يظهر ما أتى به على يد من يبغي معارضته ومناقضته ولا على يد مفتر كذاب، ويدل على هذا التقييد أن ظهور ما أتى به على يد نبي ّ آخر لا يقدح في معجزته اتفاقا، ومذهب المحققين جواز وقوع الخوارق كلها على يد الولي باختياره وبغير اختياره، وأن الفرق بينها وبين المعجزة ما قدمناه أوّلا من دعوى النبوّة وعدمها، والولي إنما يظهر على يده ما يظهر من الكرامات ببركة متابعته للرسول والاقتداء به، فهو أحق ّ بالدلالة على صدق المتبوع وعاضد له، وأما الفرق بين الكرامة وبين السحر فهو أن الكرامة ظهور الخارق على يد عبد ظاهر الصلاح بخلاف السحر،

من مقدوره، فالاختيار والإرادة بالنسبة للأول المراد بهما الشهوة والتمني وبالنسبة للثاني المراد بهما القصد للشيء (قوله قد يكون من غير جنس مقدور العبد) أي وغير مقدور العبد لا تتعلق به ارادته وقصده: أي وقد يكون من جنس مقدوره ومكتسبه فيتعلق به قصده وارادته لأن ارادة الشخص إنما تتعلق بفعله لا بفعل غيره والذي يتعلق بفعل غيره الشهوة والتمني، فقولك لآخر أريد منك أن تفعل كذا: أي أشتهي وأتمنى منك ذلك (قوله أطوادا) جمع طود وهو الجبل والمعنى على التشبيه: أي كالأطواد (قوله بمنع هذا) أي بمنع حصول هذا: أي الخارق الذي ثبت أنه معجزة لنبي كإحياء الموتى وابراء الأكمه وقلب العصى حية، وقوله: ومنع غيره: أي الخارق الذي لم يثبت أنه معجزة لنبي (قوله وإنما يجري الخ) أي وإنما يجري الحاصل على أيديهم مجرى إجابة الدعوى: أي الدعاء وإجابة الدعاء ليس بخارق، بل معتاد يشترط فيه الولي والفاسق (قوله كوجود ما في البرية) أي ووجود الماء أو الطعام في البرية يحصل بإجابة الدعوة (قوله وهؤلاء) أي أصحاب القول الثالث والرابع (قوله بأن تحدي النبي) أي قوله آية صدقي كذا (قوله ولا على يد مفتر كذاب) أي وحينئذ فوقوع شيء من معجزاته على يد ولي ّ لا يؤدّي إلى تكذيبه صلى الله عليه وسلم لأن الولي لا يبغي معارضة النبي وليس كذابا (قوله ويدل ّ على هذا التقييد) أي على أنه لا بد ّ منه وأنه لا يصح ترك الكلام على عمومه ... (قوله من دعوى النبوّة) الأولى الرسالة (قوله والولي الخ) ترشيح لما جرى عليه المحققون من جواز وقوع الخوارق كلها على يد الولي فهو في معنى التعليل له (قوله فهو) أي ما يظهر على يد الولي (قوله أحق بالدلالة الخ) أي من الدلالة على كذبه الذي ادعاه المحتجون على منع الكرامة (قوله فهو أن الكرامة الخ) هذا الحد ّ غير مانع لدخول الإرهاص فيه والمعجزة. ويجلب بأن هذا تعريف بالأعم القصد منه تمييز الكرامة عن السحر وهذ كاف فيه (قوله ظاهر الصلاح)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام