بقوله - قل من أنزل الكتاب - حيث ادعوا عموم السلب، والدلالة للمعتزلة بالآية تتوقف على تحقق الثاني دون الأوّل، فإن الأشعرية لا تدعي أنه لا يراه كل واحد، وإنما يراه المؤمنون دون الكافرين، ونقيض الموجبة الكلية التي سلبتها الآية هي السالبة الجزئية التي دلت عليها الآية لا السالبة الكلية التي لم تدل عليها، فحينئذ نقول بموجبها وهو أنه لا يراه جميع الأبصار بل أبصار المؤمنين، وهكذا قرر الإمام الفخر هذا الجواب، وإليه أشرت بقولي: أو هو من باب الكل لا الكلية: أي السلب في الآية
يكذب بثبوت الحكم لفرد من الأفراد (قوله قل من أنزل الكتاب الخ) إشارة لقياس من الشكل الثالث، تقريره موسى بشر موسى أنزل عليه الكتاب ثم ترده إلى الشكل الأوّل بعكس الصغرى بأن تقول: بعض البشر موسى ينتج بعض البشر أنزل عليه الكتاب فهذه النتيجة موجبة جزئية وهي تناقض ما ادعوه من السبب الكلي (قوله حيث ادعوا الخ) هذا مقرر لما أفادته الإشارة فالمقام في غنى عنه (قوله والدلالة للمعتزلة الخ) أي واستدلال المعتزلة بالآية عل استحالة الرؤية يتوقف على تحقق الثاني: أي على الجزم بالثاني الذي هو عموم السلب دون تحقق الأوّل الذي هو سلب العموم وعموم السلب لم يجزم به، وإنما جزم بسلب العموم لأن الأشعرية الخ ولأن نقيض الخ، فقوله فإن الأشعرية الخ تعليل لهذا المحذوف (قوله وإنما يراه الخ) أي وإنما يدّعي أن يراه المؤمنون لا الكافرون وهذا هو سلب العموم الممكن حمل الآية عليه: أي لا يراه جميع الأبصار بل أبصار المؤمنين (قوله وإنما يراه المؤمنون) أي على خلاف في البعض كالنساء (قوله دون الكافرون) أي على خلاف، فقيل يرونه ثم يحجبون بعدها وهذ أشد ّ في الحسرة وقيل لا يرونه أصلا كما هو ظاهره (قوله ونقيض الموجبة) عطف على الأشعرية: أي ولأن نقيض الخ (قوله ونقيض الموجبة الكلية) أي وهي كل الابصار تدركه (قوله التي سلبتها الآية) صفة للموجبة الكلية والضمير في سلبتها عائد عليها على حذف مضاف: أي التي سلبت الآية حكمها: أي حكم الموجبة الكلية التي هي قوله تعالى - لا تدركه الأبصار - ... (قوله هي السالبة الجزئية) خبر عن قوله ونقيض وأنثه مراعاة لما بعده (قوله التي دلت عليها الآية) أي لا تدركه الأبصار لأنها بمعنى ليس كل الأبصار تدركه، وهذه سالبة جزئية، لأن النفي إذا تقدّم على لفظ كل كان بمثابة لفظ بعض، فكأنه قيل بعض الأبصار لا تدركه، والسالبة الجزئية من قبيل سلب العموم (قوله فحينئذ) مفرع على مضمون قوله: ونقيض الموجبة الخ (قوله بموجبها) بفتح الجيم: أي بما أوجبته، وأفادته السالبة الجزئية: أي وحين إذ كان مدلول الآية هو السالبة الجزئية التي هي نقيض الموجبة الكلية نقول بما أفادته الآية ودلت عليه (قوله بل أبصار المؤمنين) جعله الاضراب من مفاد الآية يقتضي أن سلب العموم لا يجامع عموم السلب، بل يباينه من حيث أنه لا بد في سلب العموم من ثبوت الحكم لبعض الأفراد، فكأنه قيل في الآية لا تدركه كل الأبصار بل بعضها، كذا ذكر الفخر. واعتراضه ابن التلمساني بأن الحق خلافه وأن سلب العموم قد يجامع عموم السلب، وحينئذ فهذه الآية على هذا الجواب لا تفيد مدعى أهل السنة (قوله هذا الجواب) هو قوله: أو نقول لفظ الأبصار الخ (قوله وإليه) أي إلى هذا الجواب