كما أخبر عن نفسه أنه لا يعلم علم احاطة بقوله - ولا يحيطون به علما - ونفي الابصار الخاص لا يوجب نفي أصل الأبصار وهو الذي ندّعيه، وبهذا تعرف أن النصوص الدالة على الرؤية يجب تقييدها بنفي الاحاطة للتوفيق بين النصوص، سلمنا أن الادراك بمعنى الرؤية لكن لا نسلم العموم في الأزمان بل المراد نفي الرؤية في الدنيا للجمع بين هذا وبين ما اقتضى الرؤية في الآخرة، أو ندعي التخصيص في الأفراد وأن المؤمنين خارجون عن هذا العموم للأدلة الواردة فيهم، أو نقول لفظ الابصار جمع محلى بالألف واللام يفيد في الثبوت العموم، فسلبه سلب العموم لأن النفي تابع لما أشعر به اللفظ المثبت، وذلك لا يفيد عموم السلب لأن سلب العموم لا ينافي الحكم لبعض الأفراد، فيتحقق بنفي الحكم عن فرد من الأفراد بخلاف عموم السلب فإنه يكذب بثبوت الحكم لفرد من الأفراد، ولهذا كذب الله تعالى اليهود حيث قالوا - ما أنزل الله على بشر من شيء -
(قوله كما أخبر عن نفسه) هذا نظير مسلم الثبوت (قوله ونفي الأبصار) الخاص الذي هو الادراك على سبيل الاحاطة (قوله لا يوجب الخ) أي لا يوجب انتفاء أصل الأبصار الذي هو الادراك لا على سبيل الاحاطة وإضافة أصل بيانية: أي لا يوجب انتفاء مطلق الأبصار لأن انتفاء الخاص لا يوجب انتفاء العام فانتفاء الإنسان لا يوجب انتفاء الحيوان (قوله وهو) أي أصل الأبصار (قوله ندّعيه) أي ندّعي وقوعه (قوله وبهذا) أي مما ذكر من أن المراد نفي اللازم (قوله أن النصوص) أي الأدلة النقلية (قوله على الرؤية) أي على وقوعها (قوله للتوفيق بين النصوص) أي الأدلة الدالة على وقوع الرؤية كما ذكر والأدلة الدالة على عدم وقوعها مثل لا تدركه الأبصار (قوله سلمنا الخ) الجواب المتقدّم شرح لقوله في المتن لأن الادراك الخ، وقوله هنا: سلمنا الخ توجيه لشرح قوله سلمنا أن الرؤية الخ (قوله لكن لا نسلم العموم في الأزمان) فقوله لا تدركه الأبصار لا يجعل عاما في سوى الأشخاص لمعارضة الأدلة في وقوع الرؤية فوجب المصير إلى تخصيص هذا العام بالنسبة إلى الأزمان (قوله بين هذا) أي لا تدركه الأبصار، وقوله: وبين ما اقتضى الرؤية: أي وهو الله تعالى - وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة - والحديث المتقدّم (قوله أو ندّعي الخ) من زيادات الشرح على ما في المتن (قوله في الأفراد) أي بأن يراد بالأبصار أبصار الكفار (قوله فيهم) أي في رؤيتهم المولى في الآخرة (قوله أو نقول الخ) شرح لقوله أو هو من باب الكل لا الكلية وهذا عطف على قوله أو ندّعي الخ (قوله بالألف واللام) أي بمسماها (قوله يفيد في الثبوت) وهو تدركه الأبصار، وقوله: العموم: أي عموم الادراك لكل فرد من الأبصار (قوله فسلبه) أي الأبصار: أي سلب حكمه (قوله تابع) أي متوجه لما أشعر به اللفظ: أي وهو العموم: أي فالنفي منصب على العموم (قوله وذلك) أي جعل النفي تابعا للعموم: أي منصبا عليه،
فالإشارة راجعة لسلب العموم (قوله لأن سلب العموم الخ) وذلك كقولنا ليس كل حيوان إنسان فإن نفي الإنسانية عن عموم الحيوان لا ينافي ثبوتها من أفراد الحيوان (قوله فيتحقق) أي سلب العموم (قوله بخلاف عموم السلب) أي كقولنا لا شيء من الإنسان بكاتب فتكذب بثبوت الحكم لفرد كثبوت الكتابة لزيد بخلاف سلب العموم (قوله ولهذا) أي لأجل كون عموم السلب