فهرس الكتاب
الصفحة 376 من 517

عموم نفي الادراك في الآية عن كل بصر، لأن الجمع المحلى بالألف واللام يقتضي الاستغراق ويلزم من عمومه في الأبصار عمومه في الأزمان، فيلزم أن لا يراه كافر ولا مؤمن في الدنيا ولا في الآخرة. وأما توجهها على المقصد الثاني وهو امتناع الرؤية فلأنه تعالى ذكرها في معرض التمدح بها، فيكون نفي الادراك بالنسبة إليه كما لا، فثبوته في حقه نقص والنقص على الله تعالى محال. والجواب عن الآية من وجوه. أحدها: أنا لا نسلم أن الادراك بمعنى الرؤية، بل هو أخص وهو في الحادث عبارة عن ابصار الشيء مع ابصار جوانبه وأطرافه، وهذا في حق الله تعالى محال، فيتعين حمله على مجازه، وهو أنه لا يرى رؤية احاطة

اللذين بينهما عموم وخصوص مطلق، فيقال إنه لا يصح ثبوت الأخص كالإنسان مع نفي الأعم كالحيوان، وحينئذ فيقال إنه لا يلزم من عدم صحة ثبوتها مع نفي الادراك أن تكون هي هو لجواز أن تكون أخص منه (قوله عموم الخ) الأولى حذف عموم لأن نفي الادراك عن كل بصر هو معنى العموم إلا أن يقال إن كل معتبرة بحسب الأشخاص ولفظ عموم معتبر بحسب الأزمان: أي ودليل الكبرى عموم نفي الادراك في جميع الأزمنة عن كل بصر (قوله يقتضي الاستغراق) أي عند عدم القرينة الدالة على العهد أو التبعيض (قوله عمومه في الأزمان) وحينئذ فلا يصح ثبوتها في بعض دون بعض (قوله وأما الخ) أي وأما توجيه التمسك بها على المقصد الثاني (قوله ذكرها) أي الآية (قوله في معرض التمدّح) أي على وجه التمدّح (قوله بها) أي بالرؤية: أي بنفيها والتمدّح بنفيها لا يصح إلا إذا اعتبر عموم العام الذي سبق للمدح في الأشخاص والأزمان (قوله فثبوته) أي الادراك، والمراد به مصدر المبني للمجهول: أي كونه يتجلى ويظهر للخلائق فاندفع بهذا ما يقال إن الادراك وصف للمدرك لا الباري فكيف يقال فثبوته الخ (قوله نقص) أي فثبوت الرؤية كذلك لما سبق أن الرؤية هي الادراك (قوله وجوه) استعمل صيغة الكثرة في غير محلها (قوله بل هو) أي الادراك، وقوله: أخص: أي من الرؤية (قوله وهو) أي الادراك في الحادث الخ، وهذا سند لما قبله فالواو للتعليل، وإنما كان الادراك في الحادث بهذا المعنى لأن حقيقته النيل والوصول مأخوذ من أدركت فلانا إذا لحقته ووصلت إليه (قوله مع إبصار جوانبه) أي ويلزم منه الاحاطة، وأما الرؤية فهي مطلق ابصار الشيء. سواء كان مع ابصار جوانبه أم لا (قوله وهذا) أي الادراك بهذا المعنى (قوله محال) أي لاقتضائه أن له جوانب وأطرافا (قوله فتعين الخ) أي كما هو الشأن في كل ما استحالت حقيقته على الله أن يحمل على مجازه كالرحمة والضحك وحيث حمل الادراك في الآية على معناه المجازي وهو الاحاطة الملازمة له كان النفي في الآية منصبا على ذلك اللازم، والمعنى حينئذ لا تحيط به الأبصار: أي لا تراه على وجه الاحاطة. إن قلت إن الادراك هنا لم يثبت في حقه تعالى حتى يقال إن حقيقته تستحيل وإنما هو منفي فاذا فرضنا أنه محمول على حقيقته المذكورة ونفيت فأي ّ محذور في ذلك. فالجواب أن المراد البينة على أنه تعالى لما استحالت في حقه الجسمية والجواب والأطراف لم يكن أن يتصوّر في حقه حقيقة الادراك حتى يصح إثباته أو نفيه، وإنما بتعقل فيه لازم الادراك وهو الاحاطة، وهذا هو الذي ينبغي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام