إلى هذا المعنى شرف الدين بن التلمساني رحمه الله ردا ً على الامام الفخر في ميله إلى عدم القطع بجواز الرؤية لما لم يتضح له الدليل العقلي عليها، والأدلة السمعية رآها ليست بنص فرد ّ عليه بما سبق، وهو ظاهر على أن بعض تلك الأدلة على الانفراد كسؤال موسى عليه السلام للرؤية تكاد أن تكون نصا في جواز الرؤية، ويقرب منه حديث «سترون ربكم» فإنه نص فيها وهو حديث مستفيض تلقته الأئمة بالقبول.
(ص) ولا يعارضها قوله تعالى - لا تدركه الأبصار - لأن الادراك أخص لإشعاره بالإحاطة، ولا شك أنها منتفية مطلقا، سلمنا أنه الرؤية لكن المراد في الدنيا أو هو من باب الكل لا الكلية، ولا قوله عز وجل - لن تراني - لأن المراد في الدنيا إذ هو المسئول لموسى عليه السلام والأصل في الجواب
(قوله إلى هذا المعنى) هو أن الظواهر إذا كثرت أفادت القطع (قوله لما لم يتضح له) أي للإمام (قوله والأدلة السمعية) حال (قوله رآها) أي الإمام ليست بنص: أي فعند ذلك توقف في القطع بجوازها فقال لا نقطع بجوازها كالأشاعرة ولا بعدمه كالمعتزلة (قوله فرد ّ) أي شرف الدين (قوله عليه) أي الفخر (قوله مما سبق أي من أن الظواهر إذا كثرت في شيء أفادت القطع به(قوله وهو) أي الرد ّ على الفخر بما ذكر (قوله على أن الخ) أتى بهذا الاستدراك ليفيد أن بعض الأدلة السمعية قد ارتفع عن مرتبة الظاهر وصار قريبا من النص (قوله على الانفراد) المقام في غنى عن ذلك (قوله تكاد الخ) ولم يجعله نصا في جوازها لما يتطرق له من الاحتمال وأنث تكاد لاكتساب المرجع التأنيث من المضاف إليه (قوله ويقرب منه) أي من سؤال موسى، وقوله: فإنه نص فيها على حذف الكاف: أي كالنص فيها بدليل قوله ويقرب منه، فإن المراد به ويقرب منه في كونه يكاد أن يكون نصا (قوله وهو مستفيض) لأنه رواه أحد وعشرون صحابيا. واختلف في المستفيض فقيل إنه يفيد القطع لأنه من قبيل المتواتر، وقيل إنه الظن لأنه من قبيل الآحاد (قوله ولا يعارضها) أي الأدلة السمعية السابقة (قوله لأن الادراك أخص) أي من الرؤية ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم (قوله لإشعاره بالإحاطة) هذا وجه كون الادراك أخص بخلاف الرؤية فإنها قد تقع على سبيل الاحاطة بجانب المرئي وبدونها، وحينئذ فكل إدراك رؤية ولا عكس (قوله أنها) أي الاحاطة به تعالى (قوله مطلقا) أي في الدنيا والآخرة بدليل ما بعده (قوله أنه الرؤية) أي أن الادراك بمعنى الرؤية ومرادف لها (قوله لكن الخ) أي لكن لا نسلم العموم في الزمان، بل المراد نفي الرؤية في الدنيا للجمع بين هذا وبين ما اقتضى الرؤية في الآخرة من الأدلة الشرعية (قوله أو هو) أي نفي الادراك (قوله من باب الكل لا الكلية) لأن الأبصار جمع محلى بأل يفيد العموم والسلب إذ دخل على العموم يفيد سلبه لا عموم السلب وسلب العموم من باب الكل لا الكلية، وحينئذ فالمعنى لا تدركه ولا تراه الأبصار كلها لأن بعضها محجوبة عنه قطعا قال تعالى - كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون - ولا يلزم من تعلق النفي بالكل تعلقه بكل فرد فيكون المؤمنون خارجين من هذا العموم للأدلة الشرعية الواردة فيهم (قوله ولا قوله الخ) عطف على قوله تعالى (قوله لأن المراد الخ) أي لأن المراد نفيها في الدنيا (قوله إذا هو) أي