كقولنا في صورة فرس في حائط: هذا فرس وكل ّ فرس صهال فهذا صهال، أو شبيهة بالمقدّمات المشهورة، وتسمى مشاغبة: كقولنا في شخص يخبط في البحث هذا يكلم العلماء بألفاظ العلم حتى يسكتوا، وكل ّ من يكلم العلماء بألفاظ العلم حتى يسكتوا فهو عالم فهذا عالم، أو من مقدّمات وهمية كاذبة: كأن تقول: هذا ميت وكل ّميت جماد فهذا جماد، أو تقول: هذا الميت جماد وكل جماد لا يفزع فهذا لا يفزع، فإن النفس قد لا تقبل هذا الدليل الصحيح لمقدّمات تتوهمها كاذبة فنقول هذا إنسان يمكن قيامه وبطشه، وكل من يمكن قيامه وبطشه فليس بجماد، أو فهو مفزع فهذا ليس بجماد أو فهو مفزع، وكما إذا رأيت حبلا مصنوعا على شكل حية فتعلم أنه حبل، وإذا ألقى عليك خفت منه، لأن الوهم يغلب كثيرا على العقل ما قادك شيء مثل الوهم، تقول النفس: هذا يشبه الحية، أو هذا شكل الحية، وكل ّ ما يكون كذلك فهو مخوف، أو فالحزم الفرار منه، فهو مخوف،
(قوله هذا فرس الخ) المغالطة جاءت من الصغرى لأن الفرس حقيقة الحيوان الصاهل والصورة التي على الحائط ليست كذلك، فالصغرى شبيهة بمقدّمة حقة، وهي هذه الفرس مشيرا إلى فرس حقيقة (قوله أو شبيهة الخ) أي من حيث كثرة الاستعمال في كل (قوله وتسمى) أي المقدّمات المذكورة (قوله مشاغبة) من الشغب بمعنى الجدال والشر ّ، ولما كان الاتيان بهذا القياس يعين على إثارة الشر سمي مشاغبة (قوله يخبط في البحث) البحث إثبات المحمول للموضوع والخبط فيه إرادة على غير الوجه المستقيم بأن يكون غير فاهم للموضوع، ويتكلم بكلام خارج عنه (قوله هذا يكلم الخ) المغالطة جاءت من الكبرى لكذبها، وهي شبيهة بالمشهورة التي يعترف بها جمهور الناس (قوله وهمية) أي حكم بها الوهم لا العقل (قوله كاذبة) صفة لوهمية بأن كان حكم الوهم متعلقا بغير محسوس، لأن حكمه في غير المحسوس باطل أو صفة لمقدّمات (قوله هذا ميت) أي هذا الشخص الذي قام به الموت الخ، وهذه مقدّمة ضرورية، وقوله: وكل ميت جماد مقدمة صادقة، لأن المراد بالجماد مالا روح فيه لاما اصطلح عليه الفقهاء. ثم إن القياس والذي بعده ليسا من المغالطة في شيء بدليل قوله: فإن النفس الخ، بل ذكرا توطئة للمثالين بعد وعللهما بقوله: فإن النفس الخ (قوله هذا الدليل الصحيح) الاشارة راجعة لما ذكر من القياسين (قوله لمقدّمات تتوهمها كاذبة) أي لمقدمات كاذبة تتوهمها صادقة: أي تحكم بصدقها بواسطة الوهم (قوله فنقول الخ) أي فبسبب توهما تقول الخ والمغالطة في هذا القياس جاءت من الصغرى، لأن المراد بالإمكان فيها الامكان الوقوعي، وهو العادي لا العقلي، والا كانت صحيحة وأما الكبرى فصادقة إن أريد الامكان العادي (قوله فهذا ليس بجماد) نتيجة كاذبة، لأن الميت جماد بمعنى لا روح فيه، وفسادها جاء من فساد الصغرى (قوله فتعلم) أي بالعقل (وقله خفت منه) أي بسبب اتباعك للوهم: أي القوّة الواهمة (قوله ما قادك الخ) أي ما صبرك منقادا لأكثر الأشياء شيء مثل الوهم
كخوف الفقر والإيذاء من الناس، وهذا من الحكم أتى به الشارح دليلا لما تقدم من غلبة الوهم للعقل (قوله تقول الخ) مفرع على قوله: خفت منه، فلو صرح بالفاء لكان أولى (قوله هذا يشبه الخ) المغالطة جاءت من الكبرى