وأما الخطابة: فهي ما تألف من مقدمات مقبولة من شخص معتقد فيه الصدق لسرّ لا يطلع عليه أو لصفة جميلة كزيارة علم أو زهد أو نحوه أو من مقدمات مظنونة، مثل هذا يدور في الليل بالسلاح وكل من يدور في الليل بالسلاح فهو لص فهذا لص، والغرض من الخطابة ترغيب السامعين. وأما الشعر: فهو ما تألف من مقدمات متخيلة لترغيب النفس في شيء أو تنفيرها عنه فالأوّل كقولنا: هذه خمرة وكل خمرة ياقوتة سيالة، فهذه ياقوتة سيالة والثاني كقولنا: هذا عسل وكل عسل مرّة مهوعة فهذه مرّة مهوعة، والغرض من الشعر انفعال النفس. وأما المغالطة: فهي ما تالف من مقدمات شبيهة بالحق وليست به، وتسمى سفسطة
لكن التالي باطل فبطل المقدم فهذا إلزام للشافعي وإسكات له وإن كان يمكن المناقشة فيه.
(قوله وأما الخطابة الخ) سمى هذا النوع بالخطابة لأن ترغيب السامعين في الأشياء أو عنها من شأن الخطباء (قوله فهي ما) أي قياس (قوله من مقدمات) المراد بالجمع ما زاد على الواحد (قوله مقبولة) أي كلها أو بعضها (قوله من شخص معتقد فيه الصدق) بيان لجهة قبولها، وقوله: لسر الخ علة لاعتقاد صدق قائلها: أي إنما اعتقد صدقه لسر الخ كبعض العوام ّ الذين يلبسهم الله ثوب القبول بين الناس بحيث يقع صدق كلامهم في القلوب (قوله كزيارة علم) كقول الشيخ لتلامذته يحثهم على المشاركة في المطالعة: المطالعة مع الإخوان تؤثر نفعا وكل ما هو كذلك، فينبغي أن لا يترك ينتج المطالعة مع الإخوان ينبغي أن لا تترك (قوله أو زهد) كقول الزاهد: القناعة عما في أيدي الناس تؤثر المحبة وكل ما يؤثر المحبة ينبغي أن لا يترك (قوله أو نحوه) بأن كانت القضايا صادرة من شخص شأنه النصح للمسلمين (قوله ترغيب السامعين) نحو هذا يعاونك في المطالعة وكل من كان كذلك ينبغي مواساته، فالقصد الترغيب في الشيء، ومثله التنفير كما في هذا يدور الخ (قوله فهو ما) أي قياس (قوله من مقدمات) الجمع لما فوق الواحد (قوله متخيلة) أي لا ثبوت لها في الواقع بل هي مرتسمة في الخيال فقط (قوله كقولنا) أي مشيرين لخمر (قوله هذه خمرة الخ) المتخيل الكبرى لأنه لا صحة لها في الواقع ولما جعلت الخمرة من أفراد الياقوت الذي هو من الأمور التي ترغب فيها النفس فقد رغب فيها (قوله كقولنا) أي مشيرين لعسل نحل (قوله مرة) بكسر الميم ما في المرارة من الماء: أي أنه يشابه ماء المرارة، وقوله: مهوعة بكسر الواو: أي مثيرة للقي ّ، ويصح فتحها: أي النحل تقاياها من فيه وشأن ما يتقاياه الحيوان نفور النفس عنه (قوله انفعال النفس) أي تأثيرها بالترغيب أو التنفير، والتأثير شأن الشعراء والأدباء فلذا سمى هذا النوع شعرا ومرجعه الترغيب لهوى النفس بخلاف الخطابة فمرجعها ترغيبا وترهيبا لصلاح الحال (قوله فهي ما) أي قياس، وقوله: شبيهة بالحق: أي بالمقدمات الحق وليست تلك المقدمات بحق ثم إن هذا بيان لنوع من أنواعها لا لحقيقتها، والنوع الثاني المشاغبة وهي ما تركب من مقدمات
شبيهة بالمشهورة، والثالث ما تركب من مقدمات وهمية (قوله وتسمى) أي المغالطة (قوله سفسطة) كلمة يونانية معناها عندهم العلم والحكمة المموهة، فالمعنى هنا بالقياس المزين الظاهر الفاسد الباطن
3 -حواش