العلم قد تقرر في الشاهد تعدده بحسب تعدد متعلقاته، فلو اتحد العلم القديم مثلا لقام مقام علوم مختلفة بالنسبة الينا والملازمة ظاهرة. أما بطلان التالي فلأن قيام العلم مقام علوم مختلفة يوجب جواز قيامه مقام سائر صفاته كالقدرة والارادة وغيرهما بجامع أن التعدد ّ والاختلاف لتلك الصفات قد تقرر وجوبه لجميعها في الشاهد، فإن لم يعتمد عليه في بعضها بالنسبة للغائب وجب أن لا يعتمد عليه بالنسبة إليه في سائرها، بل إذا لم يوثق بما تقرّر وجوبه من ذلك في الشاهد لزم أن يجوز قيام الذات العلية مقام الصفات كلها، وذلك باطل بإجماع المسلمين. أجاب عن هذه الشبهة بأن العلوم الحادثة مثلا، وإن اختلفت فليس اختلافها في نفس حقيقة العلم، بل اختلافها إنما هو باختلاف متعلقاتها لما تعددت آحاد العلم الشخصية، فحيث فرض علم واحد بالشخص يعم ّ جميع المتعلقات زال ذلك الاختلاف ضرورة توقفه على آحاد العلم بحسب تعدد آحاد المعلوم، وقد زال ذلك بفرض الوحدة. والحاصل أن قيام الواحد مقام العدد عند اتحاد النوع جائز لأنه لا يوجب قلب حقيقة بخلاف قيامه مقام العدد عند الاختلاف في النوع: كالقدرة والعلم مثلا فإنه لا يمكن أن تقوم صفة واحدة مقامهما، لأنه يوجب قلب الأجناس واختلاف الحقائق واجتماع متضادات في شيء واحد كما تقدّم في وجه امتناع أن يكون الشيء الواحد سواد حلاوة
(قوله العلم) أي مثلا (قوله قد تقرر في الشاهد الخ) أي والشاهد سلم للغائب فيكون الغائب فيه التعدّد أيضا (قوله فلو اتحد الخ) هذا دليل آخر غير ما في المصنف لأن المقدم في المصنف هو التالي هنا والتالي في دليل المصنف جعل هنا دليلا للاستثنائية المحذوفة (قوله والملازمة ظاهرة) لأن علمه تعالى متعلق بجميع المعلومات التي من جملتها ما تعلقت به علومنا، وحينئذ فعلمه تعالى قائم مقام علومنا لتعلقه بما تعلقت به علومنا (قوله فلأن قيام العلم) أي القديم (قوله مقام الخ) أي بالنسبة لنا (قوله يوجب) أي يستلزم الخ لكن التالي باطل لما يلزم عليه من قلب الحقائق (قوله لتلك الصفات) أي العلوم بالنسبة الينا والعلم والقدرة وباقي الصفات لله تعالى (قوله وجوبه) أي ما ذكر من التعدد والاختلاف (قوله فان لم يعتمد عليه) أي على الشاهد بالنظر للتعدد والاختلاف بأن اعتبر ما في الغائب متحدا (قوله في بعضها) كالعلم بالنسبة للعلوم (قوله عليه) أي الشاهد (قوله اليه) أي الغائب (قوله من ذلك) أي من التعدد والاختلاف (قوله وذلك) أي قيام الذات مقام الصفات (قوله وإن اختلفت) الواو للحال (قوله إنما هو الخ) أي وحقيقتها واحدة (قوله لما) أي حين (قوله فحيث فرض علم واحد) أي لله تعالى (قوله زال ذلك الاختلاف) أي لم يوجد لأنه فرع التعدد، وقد فرض أنه علم واحد، وحينئذ فلا يلزم على قيامه مقام العلوم قلب الحقائق (قوله توقفه) أي الاختلاف (قوله لأنه) أي القيام المذكور (قوله قلب الأجناس) أي الحقائق فتصير حقيقة هذه هي حقيقة هذه الأخرى (قوله واختلاف الحقائق) أي الحقائق المختلفة عطف تغير على الأجناس (قوله واجتماع متضادات في شيء واحد) إذ لو قام العلم مثلا مقام القدرة لوجب أن يؤثر وأن لا يؤثر وأن يتعلق به وأن ينكشف به المعلوم وأن لا ينكشف به بخلاف ما لو قام مقام علم آخر فإن التعلق واحد وأحكامهما