فهرس الكتاب
الصفحة 285 من 517

على صحة تعلق الرؤية بكل موجود، وأجاب القاضي بأن المانع من صفة نفسه أن يمنع من قام به رؤيته لا غير من قام به فيجوز أن يراه غير من قام به إذا الحكم لا يثبت في المعنى الا في محل قام به ذلك المعنى، ولا يناقض ذلك كون الوجود مصححا لرؤية كل موجود. قلت قد اختلف علماؤنا في هذه المسئلة على مذاهب. الأول مذهب الشيخ أن الرؤية يجوز أن ترى مطلقا وحيث لم تر فلمانع، وما لزم من التسلسل فجوابه ما سبق عن القاضي. وأجاب غيره بأن الله تعالى بقطع تلك السلسلة متى شاء بأن يخلق النوم وهو عنده يضاد الادراك. قلت وهو مردود لأن السلسلة التي لزمت إنما هي وجود موانع لا نهاية لها مجتمعة لا مرتبة، فلم يجيء النوم ونحوه من الموت والغشية وما في معناها حتى لزم المحال، وهو اجتماع موانع لا نهاية لها في الزمان الفرد، وإنما يصح الجواب بالنوم ونحوه لو كانت السلسلة اللازمة هي سلسلة الترتيب بأن يوجد بعد كل ّ مانع مانع على أنه لو كانت السلسلة اللازمة هي سلسلة الترتيب لما لزم محال، إذ غايته لزوم عدم انقطاع الموانع في المستقبل، وذلك لا استحالة فيه كنعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار. الثاني: امتناع كون الرؤية مطلقا مرئية

بكل موجود يقتضي أن كل موجود يصح أن يرى فيرد على تلك الكلية أن المانع من الرؤية موجود ومع ذلك لا يصح أن يرى لأن امتناع رؤيته صفة نفسية له لا تتخلف (قوله أن يمنع الخ) رؤيته مفعول ثان ليمنع: يعني أن من قام به المانع هو الذي يمنعه المانع أن يراه، وأما غير من قام به ذلك المانع، فيصح أن يرى ذلك المانع (قوله إذ الحكم الخ) سند لقوله فيجوز الخ، والمراد بالحكم الامتناع من الرؤية كما أن المراد بالمعنى المانع (قوله في المعنى) في بمعنى اللام (قوله ولا يناقض الخ) كان الأولى التفريع بالفاء لتفرعه على ما قبله، والإشارة راجعة لمضمون قوله فيجوز أن يراه غير من قام به (قوله قلت الخ) لما جرى الكلام في البحث السابق على رؤية الرؤية في الجملة وكان الخلاف فيها واقعا بين العلماء ناسب التعرض لها (قوله في هذه المسئلة) أي مسئلة رؤية الرؤية (قوله مطلقا) أي رؤيتها ممن قامت به كأن ترى رؤيتك للغير ورؤيتها من غير من قامت به كأن ترى رؤية الغير لك أو ترى رؤية الغير لغيرك (قوله وما لزم الخ) جواب عن سؤال مقدّر (قوله ما سبق عن القاضي) أي من أن المانع الأوّل يمنع الخ (قوله بأن يخلق النوم) أي فيمنع من رؤية المانع، ولا يقال أنه مانع لأن المانع هو الذي يكون المحل معه قابلا للإدراك والنوم ليس كذلك (قوله وهو) أي النوم، وقوله: عنده: أي عند ذلك المجيب، وقوله: يضاد الادراك: أي الذي هو الرؤية، وحينئذ فلا يقال أن تلك الرؤية لم تر لمانع وهكذا حتى يلزم التسلسل، وأما عند غير ذلك المجيب فالنوم لا يضاد الادراك، بل يجامعه غاية الأمر أنه يغطيه فالإدراك موجود لكنه مستور بالنوم (قوله لا مرتبة) أي في الخارج بحيث يوجد واحد ثم يوجد آخر عقبه كالحركات المتتالية وكنعيم الجنة حتى يمكن الانقطاع بالنوم ونحوه وهذا لا ينافي أنها مرتبة ذهنا لأن كل مانع مرتب على الآخر ذهنا (قوله فلم يجئ النوم الخ) أي لم يجئ النوم إلا والموانع التي لا نهاية لها موجودة مجتمعة في لحظة ما وهي لحظة الرؤية (قوله الثاني) أي من الأقوال في مسئلة رؤية الرؤية (قوله مطلقا) أي سواء قامت بالرائي أو بغيره (قوله مرئية) تعبيره

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام