حدوث العالم لأنه لما قام البرهان على حدوث صفاته عرفنا منه حدوث ذاته لما علمنا من استحالة عرو ّ الذات عما تقبله من الصفات، والثاني في حق الغائب وهو وجوب القدم لجميع صفاته تعالى لأنه لما قام البرهان على وجوب قدمه جل ّ وعلا عرفنا منه وجوب القدم لكل صفة من صفاته تعالى لما علمنا أيضا من استحالة عرو ّ الذات عما تقبله من الصفات. والحاصل أنه لما انعقد التلازم بين كل ّ ذات وبين كل ّ أجناس مقبولها من الصفات صح ّ أن يستدل ّ بما علم من حدوث أحدهما على حدوث الآخر كما يستدل ّ بما علم من قدم أحدهما على قدم الآخر، وقوله: ولو فرضت حادثة للزم الدور أو التسلسل لتوقف احداثها عليها. هذا جواب عن سؤال استشعرت وروده، وتقريره أن يقال: ما ذكرتم في حق الحادث من استحالة عرو ّ الجواهر عن بعض ما نقبله وهو الأكوان فيلزم أن لا تعرى عن سائر ما تقبله مسلم لأن استحالة عروّها عن الأكوان معلوم بالضرورة وما ذكرتم في حق القديم من استحالة عروّه تعالى عن العلم والقدرة والارادة والحياة فيلزم استحالة عروّه عن سائر ما يقبله من الصفات قد لا يسلم لكم القول باستحالة عروه عن الأوصاف المذكورة حتى يتم لكم استدلالكم بها على استحالة عروّه عن سائر صفاته. قولكم في دليل استحالة عروّه عن الأوصاف المذكورة: ان فعله الموجود دل ّ عليها من حيث توقف إيجاده الاختياري ّ على اتصافه بتلك الصفات المذكورة، نقول إنما يدل ّ الفعل على وجوب اتصاف فاعله بتلك الصفات وجوبا وقتيا: أعني وقت إيجاده ذلك الفعل لا وجوبا مطلقا بحسب الذات، والذي يوجب استحالة العرو ّ الثاني لا الأوّل لما علمت أن الوقتية المطلقة أعم من الضرورية المطلقة
عروه عما يقبله من الصفات (قوله حدوث العالم) أي حدوث أجرامه (قوله وبين كل ّ أجناس مقبولها) أي الذات، والمراد بالأجناس الأعراض كالحركة والسكون والعلم والجهل واضافة أجناس لما بعده بيانية (قوله من الصفات) بيان لمقبولها (قوله عليها) أي على أمثالها (قوله معلوم) صفة لموصوف محذوف خبر إن: أي أمر معلوم فاندفع ما يقال لم لم يقل معلومة مع أن اسم أن مؤنث (قوله في حق القديم) أي الله تعالى فلو حذف قوله بعد تعالى ما ضر ّ (قوله أن فعله) أي مفعوله (قوله توقف إيجاده) الاختياري من إضافة المصدر لمفعوله، والضمير للفعل والاختياري بالجر صفة لإيجاد (قوله بحسب الذات) تفسير للوجوب المطلق فهو على حذف أي التفسيرية (قوله يوجب) أي يقتضي (قوله الثاني) أي الوجوب المطلق بحسب الذات المعبر عنه بالضرورية المطلقة لا الأوّل: أي الوجوب الوقتي المعبر عنه بالوقتية المطلقة إذ لا يلزم من وجوب الشيء في وقت أن يكون واجبا بحسب الذات حتى يثبت الوجوب دائما (قوله أن الوقتية المطلقة) هي التي يجب محمولها لموضوعها في وقت معين، وقوله: أعم من الضرورية المطلقة هي التي يجب محمولها لموضوعها ما دامت ذاته إذ كل ما وجب المحمول للموضوع بحسب لذات وجب بحسب الوقت، وليس كلما وجب بحسب الوقت وجب بحسب الذات فيصدقان في نحو كل إنسان حيوان لأنه يصح أن تقول بالضرورة كل إنسان حيوان ما دامت ذات الإنسان فتكون ضرورية مطلقة، ويصح أن تقول بالضرورة كل إنسان حيوان وقت كونه انسانا فتكون وقتية وتنفرد الوقتية المطلقة