بصفة حادثة إلا وضدها أو مثلها اللذان سبق الاتصاف بهما، ثم طرأ عدمهما حادثان ضرورة أن ما ثبت قدمه استحال عدمه. هذا معنى قولي: ودليل حدوثه: أي حدوث ضد الوصف الحادث طريان عدمه، يعني بدليل الاتصاف بهذا الوصف الحادث، إذ يستحيل أن يتصف به مع بقاء ضدّه الذي اتصف به قبل وإلا اجتمع الضدان، وقولي: لما علمت من استحالة عدم القديم بيان لكون طريان العدم على الضد دليلا على وجوب حدوثه واستحالة قدمه، وقوله: وقد تقدم مثل ذلك في الاستدلال على حدوث العالم، يعني تقدم له في الدليل الثاني لحدوث العالم حيث استدل ّ على حدوثه بحدوث صفاته: أي فلو كان شيء من صفاته تعالى حادثا لدل على حدوثه كما دل حدوث صفات العالم على حدوثه إذ وجه الدلالة واحد، والدليل يجب طرده فيستحيل أن يوجد في موضع ولا يدل على مدلوله
(ص) فإن قلت: إنما يتم ذلك إذا وجب أن القابل للشيء لا يخلو عنه أو عن ضده ولم لا يقال بجواز خلوه عنهما معا. ثم يطرأ الاتصاف بهما فتتحقق ذاته دونهما فلا يلزم الحدوث، فالجواب أنه لو خلا عنهما مع قبوله لهما لجاز أن يخلو عن جميع ما يقبله من الصفات إذ القبول لا يختلف لأنه نفسي وإلا لزم الدور أو التسلسل، وخلو ّ القابل عن جميع ما يقبله من الصفات محال مطلقا
الذات العلية، وهذا بعد بيان أن صفاته تعالى لا تقوم إلا بذاته وابطال ما تزعمه المعتزلة من أن له إرادة حادثة غير قائمة بذاته (قوله بصفة حادثة) أي كالقدرة (قوله على حدوث العالم) أي الأجرام (قوله في الدليل الثاني) أي وهو قوله سابقا، وأيضا لو نظرت إلى صفات العالم قبولا وحصولا الخ (قوله إذ وجه الدلالة واحد) المراد بالوجه الملازمة بين حدوث الصفة والموصوف أي إنه يلزم من حدوث الصفة التي هي دليل حدوث الموصوف الذي هو المدلول، فيلزم من حدوث صفة الرب حدوثه كما أنه يلزم من حدوث صفة الأجرام حدوثها (قوله والدليل) هو هنا حدوث الصفات (قوله طرده) هو التلازم في الثبوت (قوله على مدلوله) هو هنا حدوث الذات (قوله إنما يتم ّ ذلك) أي ملزومية حدوث الصفات لحدوث الموصوف إذا وجب الخ لأنه إذا وجب أن القابل للشيء لا يخلو عنه أو عن ضدّه، وكان ذلك الشيء وضدّه حادثين فلا يكون ذلك القابل سابقا على الحادث ومالا يسبق الحادث فهو حادث مثله (قوله عنهما) أي عن الضدّين الحادثين (قوله ثم يطرأ) بالنصب عطف على جواز على حدّ ... * وليس عباءة وتقر ّ عيني * (قوله ذاته) أي الله (قوله دونهما) أي دون الوصف الحادث وضدّه (قوله فلا يلزم الحدوث) أي فلا يلزم من حدوث الصفات الموصوف وهو ذاته تعالى (قوله إذ القبول الخ) فاذا جاز خلو ّ القابل عن القدرة مثلا جاز خلوّه عن غيرها من جميع ما يقبله (قوله لأنه نفسي) أي وشأن النفسي عدم الطريان وعدم التغير (قوله وإلا الخ) أي وإلا بأن كان القبول غير صفة نفسية بأن كان صفة حادثة لزم افتقاره لقبول آخر، وهذا القبول أيضا حادث غير نفسي فيحتاج لقبول آخر وهكذا، فيلزم الدور أو التسلسل وهما محالان. فما استلزمهما من كون قبول الذات العلية للصفات غير نفسي باطل، فثبت أنه نفسي وهو المطلوب (قوله وخلو ّ القابل الخ) في قوّة قولنا