وبيان الملازمة ما أشرنا إليه في أصل العقيدة من أنه لو كان شيء من صفاته حادثا للزم أن لا يعرى عنه أو عن ضدّه الحادث لما عرفت فيما مضى، وسنعيد أيضا برهانه فيما بعد من أن القابل للشيء لا يخلو عنه أو عن ضدّه، ومالا يعرى عن الحوادث لا يسبقها ومالا يسبقها كان حادثا مثلها، وهو معنى قولي: ومالا تتحقق ذاته بدون حادث يلزم حدوثه ضرورة: أي مالا يمكن مفارقة ذاته للحوادث يلزم حدوثه ضرورة. إذ لو كان هو قديما ووصفه الملازم له حادثا لكان مفارقا لوصفه اللازم. كيف وقد تحقق أنه لا يفارقه. وأما قولي: ودليل حدوثه طريان عدمه، فهو جواب عن سؤال مستشعر من قولي: للزم أن لا يعرى عنه أو عن الاتصاف بضده الحادث، وتقريره أن يقال: لا نسلم أنه لو كان شيء من صفاته تعالى حادثا للزم حدوثه. قولكم لأنه لا يعرى عنه أو عن ضدّه الحادث نمنع أن ضده حادث، بل يجوز أن يكون قديما، فحينئذ إنما يلزم أن لا يعرى عن ذلك الحادث أو عن ضدّه القديم، وذلك لا يستلزم حدوثه، لأنه لم يلزم إذ ذاك من قدمه تعالى وحدوث بعض صفاته عروّه عن جميع أوصافه لفرض القدم في بعضها وهو أضداد تلك الأوصاف الحادثة، وجوابه أنه يلزم من تقدير الحدوث لصفة من صفاته أن يكون ضدها حادثا ويستحيل أن يكون قديما، وذلك لأنه لو كان قديما لما طرأ عدمه لما عرفت من استحالة عدم القديم، فاذا لا يمكن الاتصاف
المناسب ودليله وهذا الدليل قد ركبه الشارح على أصله والمصنف قد حذف منه كما سبق فهذا مع قوله بعد لو كان شيء من صفاته حادثا للزم أن لا يعرى الخ دليل واحد (قوله وبيان الخ) أي ومبين: أي والدليل الذي يبين الملازمة الخ (قوله أشرنا إليه) الأولى صرّحنا به لكن المؤلفون يتساهلون ويطلقون الاشارة بمعنى الذكر مطلقا (قوله في أصل العقيدة) الاضافة للبيان (قوله وسنعيد أيضا الخ) الأولى حذف أيضا لأنه لم يعده ثانيا فيما مضى بل إنما ذكره فيما مضى مرة واحدة وأعاده بعد مرة واحدة (قوله وهو) أي قوله ومالا يعرى عن الحوادث الخ، وقوله: معنى قولي الخ أنه ليس معناه، فالأولى أن يقول: وهو وجه قولي الخ. وبحسب هذا يظهر لك أنه لا يحتاج مع هذا إلى قوله بعد إذ لو كان الخ الذي أتى به سندا لقوله ومالا تتحقق ذاته الخ (قوله فهو جواب الخ) المناسب لما يأتي من قوله وتقريره الخ أن يقول فهو رد ّ لمنع وارد على الملازمة في قولنا لو كان شيء من صفاته حادثا للزم أن لا يعرى الخ بدل قوله فهو جواب الخ لأن السؤال يقال فيه إن قلت: ومقتضى قوله وتقريره أن يقال لا نسلم الخ أنه منع لا سؤال (قوله قولكم الخ) توجيه لقوله لا نسلم الخ (قوله بل يجوز أن يكون) أي الضد ّ كالعجز، وقوله: قديما ثم: أي ثم طرأت عليه القدرة (قوله فحينئذ) المناسب وحينئذ إذ لا وجه للتفريع (قوله وذلك) أي اللازم المذكور (قوله لفرض القدم في بعضها) أي كالعجز فيجوز أن يكون المولى في الأزل متصفا بهذا القديم (قوله وجوابه) أي جواب السؤال على ما قال الشارح أو جواب المنع على ما قلنا أنه المناسب (قوله لصفة) كالقدرة، وقوله: أن يكون ضدّها: أي كالعجز (قوله لأنه الخ) لأن القدرة مثلا لا يتصف الشيء بها إلا بعد انعدام العجز، فيلزم أن يكون العجز حادثا أيضا لأنه لا ينعدم إلا الحادث (قوله لو كان قديما لما طرأ عدمه) أي على