فهرس الكتاب
الصفحة 246 من 517

باستحالة خلق شيء مثل ذلك في القلب، وتكون نسبة ما تعلق به في الوضوح والجلاء كنسبة الحاصل عن الرؤية، فالحق ّ إذا أن نجزم بجواز ذلك ولا استحالة وإذا كان ذلك يرجع إلى الوجدان، وفضل الله تعالى لا نهاية له فلا علم لي إلا بحال نفسي وحال غيري لا أعرفه إلا بأنباء صادق في العادة ولم يوجد، وما تدعيه الصوفية لم نميزه، فنعلم أن ذلك المدرك يرجع إلى الذات من وجه أو إلى ترقّ في العلم بالصفات والأسماء، فكيف لنا بالجزم أن الله تعالى لم يخلق لصدّيق ولا لنبي ّ مرسل سوى ما نعلمه نحن من الله تعالى، والله تعالى عز ّ وجل ّ يقول لأعلم الخلق: - وقل رب ّ زدني علما - ومتعلق السؤال المأمور به ممكن، والله أعلم، واحتج الفخر أيضا بأنا لا نتصوّر إلا ما أدركناه بالحس ّ ومثاله معلوم، أو بالوجدان: كالآلام واللذات، أو ببديهة العقل: كبسائط القضايا الأوّلية، وهو قولنا النفي والاثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان فهذه طرق معرفة التصوّرات،

باستحالة مثل ذلك فهو ممكن وإذا كان ممكنا فلا ينهض نفي وقوعه من غير دليل، وبهذا تم الرد على الفخر (قوله باستحالة خلق شيء مثل ذلك) أي باستحالة خلق ادراك لذاته مثل الادراك الذي يخلقه في الآخرة (قوله ما تعلق به) أي ذلك الادراك الذي يخلق في القلب والذي تعلق به ذلك الادراك كنه الرب (قوله فالحق إذن) أي إذ كان العقل لا يجزم باستحالة خلق ادراك في القلب مثل ذلك (قوله أن نجزم الخ) أي وحينئذ فلا ينهض نفي الوقوع له من غير دليل (قوله وإذا كان الخ) أي فنسلم ولا ننكر لأنه لا علم للشخص إلا بحال نفسه (قوله فلا علم لي إلا بحال نفسي) أي مثل كوني لا أعلم من جانب المولى إلا الأمور الأربعة المذكورة، وقوله: وحال غيري: أي من علمه بزيادة عليها مثلا (قوله إلا بأنباء) أي أخبار (قوله وما تدعيه الصوفية) أي من زيادة العلوم والمعارف بالرياضة، وقوله: فنعلم أن ذلك المدرك: أي من العلوم والمعارف الزائدة بالرياضة مفرع على المنفي (قوله من وجه) أي لا بالكنه لأنه لا يمكن (قوله فكيف الخ) أي وإذا كان حال الغير لا أعرفه فكيف الخ (قوله ومتعلق السؤال) هو زيادة العلم (قوله ممكن) أي لعدم صحة طلب ما لا يمكن من الله: أي والنبي صلى الله عليه وسلم سأل زيادة العلم قطعا امتثالا للأمر، فاذا سأل فهو يجلب بزيادة العلم، ومن البين أن زيادة العلم تقتضي زيادة المعلوم وحينئذ فكيف يصح للفخر أن يقول: إن المعلوم للبشر في جانب الله تعالى أمور أربعة فقط (قوله واحتج الفخر) أي على أن ذاته تعالى غير معلومة لنا بالكنه (قوله أيضا) أي كما احتج بما سبق (قوله بأنا الخ) أي بأنا لا تتصوّر حقيقة الشيء إلا إذا أدركناه بالحس: أي الظاهري كالبصر (قوله ومثاله معلوم) أي كالشمس والقمر وزيد وعمرو (قوله أو بالوجدان) أي القوّة الباطنية المدركة للذة والألم مثلا (قوله كبسائط القضايا) أي كالقضايا البسيطة والكلام على حذف مضاف: أي كأطراف القضايا البسيطة، وذلك كالنفي والاثبات والاجتماع والافتراق واحترز بالبسائط (1) فإنه قضايا مركبة ويرجع فيه لما تركب منه، فإن كان ضروريا فهو كذلك (قوله الأوّلية) أي التي تدرك من أوّل الأمر ولا تحتاج إلى نظر (قوله معرفة التصوّرات) أي

(1) محل تأمل، الظاهر أن في العبارة سقطا اهـ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام