فهرس الكتاب
الصفحة 233 من 517

إن العالم ممكن باعتبار ذاته واجب بوجوب مقتضيه ونعوذ من ذلة العالم. قلت وأشنع من هذا ونعوذ بالله تعالى، تصريحه بأن الذات قابلة لصفاتها فاعلة لها ومن شنيع مذهبه أيضا ردّه الصفات إلى مجرد نسب واضافات وتسميته لها في بعض المواضع مغايرة للذات مع ما علم من أن أئمة السنة يمنعون اطلاق الغيرية في صفاته تعالى لما يؤذن به من صحة المفارقة كما يمنعون أن يقال هي هو لما يؤذن به من معنى الاتحاد والذي قاده إلى أكثر هذه الآراء الفاسدة بإجماع فراره من التركيب الذي توهمته الفلاسفة لازما لثبوت الصفات ولأجل ذلك نفوها هذا مع أن الشيء لا يتكثر بتكثير صفاته كما لا يتكثر بتكثير اعتباراته. قال شرف الدين بن التلمساني: والتركيب في الذات لازم له أيضا فإن ماهية كل صفة من الحياة والعلم والقدرة والارادة متميزة عن الأخرى في العقل فإن منها مالا يتعلق وهي الحياة ومنها ما يتعلق ولا يؤثر كالعلم ومنها ما يتعلق ويؤثر كالقدرة والارادة فاذا تمايزت واختلفت اقتضت وجوها مختلفة في المقتضى ولما استشعرت الفلاسفة

بتأثير الذات في الصفات بطريق العلة كما تقول الفلاسفة بتأثير الذات في العالم بطريق العلة ... (قوله إن العالم) أي الأفلاك والأجناس والأنواع، وأما الأشخاص فيقولون بحدوثها بالذات والزمان (قوله ونعوذ الخ) لأن العالم إذا أزل ّ تبعه الناس (قوله وأشنع الخ) إنما كان هذا أشنع من الأوّل لأن الصفات على هذا حادثة بالذات والزمان وعلى الأوّل حادثة بالذات فقط، ثم إن المشهور عن الفخر أنه يقول إن الصفات ممكنة لذاتها واجبة بوجوب ذاته تعالى كما تقدم في كلام ابن التلمساني (قوله فاعلة لها) أي للصفات بالاختيار، وحينئذ فتكون الصفات حادثة بالذات والزمان لأن أثر المختار لا يكون إلا حادثا بالذات والزمان، وهذه الصفات عنده نسب وإضافات ولا يلزم من حدوثها حدوث من قامت به بخلاف الصفات الوجودية فإنه يلزم من حدوثها حدوث الذات القائمة بها (قوله ومن شنيع الخ) هو شنيع جدّا لكنه رجع عنه كما قال بعضهم (قوله نسب) أي لا ثبوت لها في الخارج، وإنما هي اعتبارات عقلية (قوله وإضافات) عطف تفسير (قوله وتسميته الخ) عطف على ردّه (قوله إلى أكثر هذه الآراء) الأولى حذف لفظ أكثر لأن فراره المذكور قاده إلى كلها وآراؤه هي ما تقدّم عنه (قوله مع أن الشيء الخ) فإن الجوهر الفرد شيء واحد لا تركب فيه ومع ذلك يتصف بالإمكان وبكونه في جهة وبكونه في حيز وبكونه لا يقبل القسمة وبكونه متحركا أو ساكنا وهذا سند للمقدمة الأولى القائلة الموصوف متركب باعتبار صفاته واستدل على فسادها دون غيرها من المقدّمات لأنه مبني عليها، ويلزم من فساد المبني عليه فساد المبني وإن كان بعضه صحيحا في نفسه (قوله كما لا يتكثر الخ) أي بإجماع منا ومن الفخر فالمشبه به متفق عليه (قوله اعتباراته) ككونه سميعا بصيرا متكلما (قوله لازم له) أي للفخر أيضا فلا ينفعه القول بهذه الآراء الفاسدة فرارا من التركيب فقد وقع فيما فر ّ منه (قوله كالعلم) أي والسمع والبصر (قوله كالقدرة الخ) الكاف استقصائية (قوله فاذا تمايزت) أي الصفات باعتبار لوازمها، وقوله: واختلفت: أي باعتبار الذات (قوله اقتضت) أي تلك الصفات وجوها مختلفة في المقتضى: أي لها: أي الصفات وهو الذات فقد قام بها وجوه مختلفة حتى أنها أثرت في صفاتها المختلفة فالوجه الذي أثرت بسببه في الحياة غير الذي أثرت به في العلم وهكذا فيلزم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام