عقلا لا تقديرا في الخيال أو خطورا بالبال كما تخطر المستحيلات عند إعراض العقل عن وجه استحالتها، وبالجملة فالقوم حكموا التخيلات على ضعفها وجعلوها أدلة فيما لا يهتدي في فيح صحرائه الصعبة المسالك إلا العقل النافذ المؤيد بهدايته تعالى. قال شرف الدين ابن التلمساني ولما اعتقد الفخر صحة هذه الحجة يعني شبهة الفلاسفة في أن الافتقار بمعنى مطلق التوقف يوجب الامكان، وأن كل مركب يفتقر إلى جزئه وجزؤه غيره والمفتقر إلى الغير لا يكون إلا ممكنا وتوهم التركيب باعتبار الصفات، واستعمل هذه المقدمات في الاستدلال على امكان كل ما سوى الله تعالى استشعر النقض بصفات الله تعالى فقال مرة هذا مما نستخير الله تعالى فيه يعني القول بإمكانها من حيث ذاتها وجزم أخرى وصرح والعياذ بالله بكلمة لم يسبق إليها فقال هي ممكنة باعتبار ذاتها واجبة بوجوب ذاته جل وعلا وضاها في ذلك قول الفلاسفة
نفيه عنه عقلا فلا يقتضي هذا التوقف الاحتياج لتأثير الجوهر فيه (قوله عقلا) احترز به عن النفي في الخيال فلا عبرة به إذ قد يقع في الوهم ابتداء نفي الصفات عنه تعالى في الأزل وكذلك العرض بالنسبة للجوهر (قوله أو خطورا بالبال) عطف تفسير (قوله فالقوم) أي الفلاسفة ... (قوله التخيلات) أي الأمور المتخيلة وهي الشبه (قوله فيما) أي القديم الذي، وقوله: في فيح صحرائه بكسر الفاء جمع فيحا: الصحراء الواسعة فيجرد عن بعض معناه بأن يراد منه الواسعة والاضافة من اضافة الصفة والمقصود تشبيه العقائد بالصحراء الواسعة التي لا تسلك إلا بالسلاح الماضي فكذلك العقائد لا تسلك إلا بالأدلة القوية وهؤلاء القوم مشوا في الصحراء الواسعة: يعني الصفات القديمة بالآراء الضعيفة: يعني الشبه (قوله النافذ) بالذال المعجمة: أي الماضي القاطع (قوله في أن الافتقار الخ) في بمعنى من بيان للحجة وهذه مقدّمة أولى، وقوله: وأن كل الخ مقدّمة ثانية، وقوله: وجزؤه غيره مقدّمة ثالثة، وقوله: والمفتقر الخ يرجع للأولى لأن المفتقر للغير متوقف على ذلك الغير وبقيت مقدّمة رابعة وهي تركب الصفات يوجب تركب الموصوف وهذه أشار إليها بقوله: وتوهم التركيب الخ (قوله وتوهم التركيب) أي في الذات وهذا معطوف على اعتقد (قوله واستعمل هذه المقدمات) أي المذكورة سابقا في الاستدلال الخ بأن قال كل شيء ما سوى الله مركب باعتبار صفاته وكل مركب مفتقر إلى جزئه وجزء المركب غيره والمفتقر للغير لا يكون إلا ممكنا فكل شيء سوى الله ممكن والشارح لم يأت بهذه المقدمات على هذا الترتيب لعدم قصد الاستدلال بها في هذا المقام والفخر اعتقد صحة هذه المقدّمات كلها والأولى غير صحيحة: ألا ترى أن الجوهر الفرد غير منقسم وفي جهة مثلا ومع ذلك هو غير مركب والثانية مسلمة لكن لا من حيث أنه يفيده الوجود بعد العدم بل بمعنى أنه لا تتحصل خارجا إلا به والثالثة مسلمة والرابعة غير مسلمة لأن الافتقار بمعنى مطلق التوقف لا يقتضي امكان المتوقف لجواز أن يكون التوقف بمعنى التلازم والافتقار بهذا المعنى لا ينافي الوجوب والشارح فيما يأتي اقتصر على بطلان الأولى (قوله استشعر النقض الخ) جواب لما اعتقد الخ: أي استشعر أن المقدّمة القائلة والمفتقر للغير لا يكون إلا ممكنا تجري في صفات الله (قوله هذا مما نستخير الله فيه) تعبيره بالاستخارة يقتضي أنه غير جازم بالقول بإمكانها ولذا قال وجزم أخرى الخ (قوله بكلمة) أي كلام (قوله ممكنة الخ) فيه أنها لو كانت ممكنة لكان مقابلها كالعجز والجهل كذلك (قوله وضاها الخ) أي من جهة أنه قائل