الاستثنائية ولم يكن الافتقار بهذا المعنى ينافي الوجوب فلم قلتم أن هذا التوقف في العلم أو الوجود الذي سميتموه أنتم افتقارا ينافي وجوب الوجوب أو يستلزم الامكان، فإن الامكان إنما يتحقق بصحة الارتفاع، وإذا كانا واجبين فلا يصح في العقل ارتفاعهما ولا ارتفاع أحدهما فلا امكان ولا احتياج لكل منهما فاتركوا إذن عنا لفظ الافتقار والامكان الموهمين لما تقررت استحالته من الاحتياج إلى المؤثر وقولوا كل موجودين متلازمين لا يصح في العقل ارتفاعهما ولا ارتفاع أحدهما ففرض وجودهما محال أو قولوا لا يمكن ثبوت واجب يلازمه واجب آخر ولا يصح ثبوت واجب إلا خاليا عن واجب آخر، وحينئذ تبدو فضيحتكم بادعائكم مالا تجدون إلى تصحيحه سبيلا سوى المغالطة بلفظ الافتقار الموهم واستعماله لمطلق التوقف ومطلق التوقف لا يقتضي الحاجة إلى المؤثر إلا إذا صح النفي
الصفات (قوله الاستثنائية) هي لكن لزوم الافتقار باطل (قوله ولم يكن الخ) تعليل: أي لأنه لا يكون الافتقار بمعنى الملازمة منافيا للوجوب لأنه كما يتلازم ممكنان يتلازم واجبان (قوله فلم قلتم الخ) استفهام انكاري بمعنى النفي: أي فلم قلتم إن هذا التوقف: أي الافتقار بمعنى التلازم ينافي الوجوب: أي قولكم ذلك لا يصح (قوله إن هذا التوقف في العلم أو الوجود) المراد بالتوقف في العلم أن لا تتصوّر ذاته تعالى إلا موصوفة بالصفات، والمراد بالتوقف في الوجود أن لا توجد ذاته تعالى إلا موصوفة بها كما تقول في الجوهر والعرض أنه لا يتصوّر أحدهما إلا مقارنا للآخر ولا يوجد أحدهما خارجا إلا مع الآخر، وليس المراد بالتوقف في الوجود أن يكون الشيء معدوما ويتوقف على الآخر ليفيده الوجود، وإذا كان المراد بالافتقار أن الوجودين لا يعقل أحدهما بدون الآخر ولا ينفك أحدهما في الوجود عن مقارنة الآخر لم يكن في هذا استحالة ولم يكن إلا مجرد التلازم فوجب ترك لفظ الافتقار والتعبير بالتلازم ولا استحالة فيه (قوله أو يستلزم الامكان) في بعض النسخ ويستلزم الامكان بالواو وهو تعليل لما قبله (قوله فإن الامكان) أي للشيء وهذا علة لعدم صحة قولهم إن هذا التوقف يستلزم الامكان (قوله الارتفاع) أي ارتفاعه (قوله منهما) أي الواجبين (قوله فاتركوا الخ) أي وحيث كان المراد بالافتقار التلازم وهو ينافي الوجوب فاتركوا الخ، وأما قوله والامكان فالأولى اسقاطه لأنهم لم يردّوا به بل جعلوه لازما للافتقار (قوله من الاحتياج الخ) بيان لما (قوله وقولوا الخ) الأولى وقولوا لا يعقل واجب موجود يلازمه واجب آخر لأن هذا هو الواقع منهم مع أنه لا مانع من أن الواجب يلازمه واجب آخر (قوله ثبوت واجب) كالذات (قوله واجب آخر) أي كالصفات (قوله سوى المغالطة) من تأكيد الذم بما يشبه المدح نحو فلان لا خير فيه إلا أنه سيء الأخلاق (قوله الموهم) أي للاحتياج (قوله واستعماله) أي لفظ الافتقار، وقوله: لمطلق اللام بمعنى في (قوله ومطلق الخ) الواو للحال (قوله لا يقتضي الحاجة) أي لأن التوقف يصدق بالتلازم (قوله إلا إذا صح الخ) مثلا العالم متوقف على الذات العلية ولما كان يصح عقلا نفيه أزلا صح وجود الباري في الأزل واقتضى ذلك التوقف الحاجة إلى المؤثر وصفات الباري، وأن كانت متوقفة على الذات لكن لا يصح عقلا نفيها عنه في الأزل فلا يقتضي هذا التوقف الاحتياج إلى المؤثر وكذلك العرض متوقف على الجوهر ولا يصح