حدوثا أو نقصا في ذاته تعالى أو في صفاته جل وعلا. واعلم أن الفلاسفة قد احتجت على نفي الصفات بما يقرب من شبهة المعتزلة السابقة فقالوا لو وجدت الصفات للزم أن تكون مفتقرة إلى الذات لاستحالة قيام الصفة بنفسها ولأن بعضها شرط في الباقي كالحياة التي هي شرط في القدرة والعلم والارادة فيلزم أن يكون المشروط مفتقرا إلى الشرط أو متأخرا عنه في العقل والافتقار ينافي الوجوب إذ الواجب مستغن على الاطلاق وذلك مناف للافتقار والحاجة والتقدّم على واجب الوجود محال. والجواب منع الملازمة فإن الافتقار إلى الغير يقتضي أن المفتقر يفيده الغير الوجود فيكون حادثا، ونحن لا ندعي ذلك بل نقول أن صفاته تعالى كلها واجبة الوجود غنية عن المقتضى بالإطلاق، وإن عنيتم بالافتقار الملازمة وعدم انفكاك أحد الوجودين عن الآخر منعنا
اطلاق لفظ التعليل بأن يقال المعاني علل للمعنوية مع أن اطلاق التعليل بمعنى التلازم شائع في كلامهم فالنزاع حينئذ في لفظ الإيجاب، وقد يقال مثله التعليل لأنه بمعناه ولا مانع من أن يراد به التلازم فلا فرق حينئذ (قوله حدوثا أو نقصا) تنويع في التعبير وهو من عطف الملزوم على لازمه (قوله احتجت على نفي الصفات) أي كلها (قوله بما يقرب الخ) وجه القرب أن كلا من الشبهتين فيه لزوم الامكان لوجود صفاته تعالى لأن الفلاسفة يقولون متى ثبتت الصفات لزم امكانها والمعتزلة يقولون متى وجدت المعاني لزم امكان المعنوية (قوله لو وجدت الصفات) أراد بالوجود الثبوت فيشمل المعاني والمعنوية (قوله للزم الخ) أي وللزم أيضا أن يفتقر بعضها إلى بعض ففي كلامه حذف ويكون قوله ولأن بعضها الخ دليلا لهذا المحذوف، وأما قوله لاستحالة الخ فهو دليل للمذكور (قوله كالحياة) الكاف استقصائية (قوله القدرة) أي مثلا اذ هي شرط للكل (قوله المشروط) هو جميع الصفات ما عدا الحياة (قوله في العقل) أي وإن تقارنا في الخارج (قوله والافتقار الخ) في قوّة التعليل للاستثنائية المحذوفة وكأنه قال لكن التالي وهو كون صفاته مفتقرة إلى الذات أو إلى صفة أخرى متقدمة عليها باطل لأن الافتقار والتقدم على واجب الوجود محالان (قوله وذلك) أي الاستغناء (قوله والحاجة) أي الاحتياج عطف تفسير (قوله والتقدم الخ) عطف على الافتقار الخ وهذا راجع لقوله أو متأخرا عنه فكان الأولى أن يقول وتأخر واجب الوجود محال هذا ومحل المحالية إذا كان التأخر في الزمن لا في التعقل لأن الشأن أن تتعقل الذات قبل الصفات مع أن كلا واجب الوجود هذا، وقول الشارح والتقدم الخ إن أريد به التقدم العقلي الذي جرى عليه الكلام في الدليل فلا يسلم وإن أريد به التقدم في الخارج فمسلم لكن لا يطابق ما جرى عليه الدليل (قوله منع الملازمة) أي ان عنيتم بالافتقار الاحتياج للغير، وكان على الشارح أن يزيد ذلك ويوجهه بقوله لأن الافتقار الخ (قوله ونحن لا ندعي ذلك) أي الافتقار للغير المؤدّي للحدوث، والأولى حذف لأنهم ألزمونا الافتقار لا أنهم قالوا أنتم أدعيتم ذلك حتى نرد ّ عليهم بأنا لم ندّع ذلك (قوله بالإطلاق) أي في جميع أحوالها كالتعلقات ونحوها (قوله وإن عنيتم بالافتقار) أي الذي ألزمتمونا به وهذا عطف على المحذوف السابق (قوله وعدم الخ) عطف تفسير (قوله الوجودين) أي وجود الذات ووجود